كتاب الخلاصة في تدبر القرآن الكريم

وعن الشافعي - رحمه الله - قال: «ما شَبِعْتُ منذ ستَّ عشْرةَ سنة إلا شبعة أطرحها؛ لأن الشِّبَع يُثْقِل البدن، ويُزِيل الفِطْنة، ويجلب النوم، ويُضْعِف صاحبه عن العبادة» (¬1).
وقالت عائشة - رضي الله عنها -: «أول بدعة حدثت بعد رسول الله: الشِّبَع؛ إن القوم لما شبعت بطونهم، جمحت نفوسهم إلى الدنيا» (¬2).
ثانيًا: عدم حضور القلب:
وقد مضى كلام الحافظ ابن القيم - رحمه الله - حيث ذكر أن «الناس ثلاثة: رجل قلبه ميت ... الثاني: رجل له قلب حي ... لكنه مشغول ليس بحاضر، فهذا أيضًا لا تحصل له الذكرى. والثالث: رجل حي القلب مستعد، تُليت عليه الآيات فأصغى بسمعه وألقى السمع، وأحضر القلب، ولم يشغله بغير فهم ما يسمع، فهو شاهد القلب، فهذا القِسْم هو الذي ينتفع بالآيات» (¬3).
وإنما يتخلف القلب عن الحضور حال التلاوة أو السماع لأسباب متعددة؛ منها:
أ- أن يكون مطلوب القارئ مُنْحَصِرًا في القراءة فقط، والإكثار منها فحسب؛ طلبًا للأجر، وقد مضى الكلام على ما يتصل بهذا المعنى عند الكلام على الشروط.
قال الحسن - رحمه الله -: «يابن آدم كيف يَرِقّ قلبك، وإنما هِمَّتُك في آخر السُّورة؟ ! » (¬4).
¬_________
(¬1) السابق (9/ 127).
(¬2) رواه ابن أبي الدنيا في الجوع (22).
(¬3) مدارج السالكين (1/ 442).
(¬4) مضى تخريجه ص: 57.

الصفحة 85