كتاب خبر الواحد وحجيته

وقال أبو الحسين1 البصري:" الأولى أن نحده بأنه كلام يفيد بنفسه إضافة أمر من الأمور إلى أمر من الأمور نفياً أو إثباتاً"2.
وقيده بنفسه احترازاً عن الأمر المقتضى لوجوب الفعل لا بنفسه، بل بواسطة ما اقتضاه من طلب الفعل.
ورد بأنه منتقض بالنسب التقييدية فيما لو قيل: حيوان ناطق، فإنه أفاد بنفسه إثبات النطق للحيوان، مع أنه ليس بخبر.
فإن قال: إن هذا ليس بكلام، وأنه قيد الحد بالكلام.
أجيب بأن ما ادعاه لا يصح، لأن حد الكلام هو: "ما انتظم من الحروف المسموعة المميزة من غير اعتبار قيد آخر، وحد الكلام بهذا الاعتبار متحقق في هذا، فكان من أصله كلاماً"3.
وعرفه القرافي4بأنه هو: "المحتمل للتصديق والتكذيب لذاته"، وقيده بقوله: لذاته احترازاً من تعذر الصدق والكذب لأجل المخبر عنه،
__________
1 هو: محمّد بن عليّ بن الطيب البصري المعتزلي، أحد أئمة المعتزلة، كان يشار إليه بالبنان في أصول الفقه والكلام، ولد بالبصرة ونشأ بها، له تصانيف كثيرة منها: كتاب المعتمد في أصول الفقه المطبوع، توفي سنة: 436هـ. انظر: الفتح المبين في طبقات الأصوليين للمراغي 1/137.
2 المعتمد في أصول الفقه لأبي الحسين البصري 2/544.
3 انظر: الإحكام للآمدي 2/9، مع تصرف.
4 هو: أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن أبو العباس شهاب الدين الصنهاجي، القرافي، له تصانيف منها: الذخيرة، وشرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول، والفروق. انظر: الفتح المبين في طبقات الأصوليين 2/86، والإعلام للزركلي 1/90، الطبعة الثانية.

الصفحة 23