كتاب كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم (اسم الجزء: 1)

مفهوم الشيئية صحّة العلم والإخبار عنه. فإنّ قولنا السواد موجود مفيد فائدة معتدّة بها دون السواد شيء. وقال الجاحظ والبصرية والمعتزلة الشيء هو المعلوم ويلزمهم إطلاق الشيء على المستحيل مع أنّهم لا يطلقون عليه لفظ المعلوم فضلا عن الشيء، وقد يعتذر لهم بأنّ المستحيل يسمّى شيئا لغة، وكونه ليس شيئا بمعنى أنّه غير ثابت لا يمنع ذلك. ولذا قالوا المعدوم الممكن شيء بمعنى أنه ثابت متقرّر متحقّق في الخارج «1» منفكا عن صفة الوجود. ويؤيّده ما وقع في البيضاوي في تفسير قوله أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «2» في أوائل سورة البقرة من أنّ بعض المعتزلة فسّر الشيء بما يصحّ أن يوجد وهو يعمّ الواجب والممكن ولا يعمّ الممتنع. وقال الناشئ أبو العباس «3» الشيء هو القديم وفي الحادث مجاز. وقال الجهمية هو الحادث. وقال هشام بن الحكيم هو الجسم.
وقال أبو الحسين البصري والنصيبيني من المعتزلة البصريين هو حقيقة في الموجود مجاز في المعدوم، وهذا قريب من مذهب الأشاعرة لأنّه ادّعى الاتحاد في المفهوم، ودعواهم أعمّ من ذلك كما مرّ، والنزاع لفظي متعلّق بلفظ الشيء وأنّه على ماذا يطلق. والحقّ ما ساعدت عليه اللغة، والظاهر مع الأشاعرة، فإنّ أهل اللغة في كل عصر يطلقون لفظ الشيء على الموجود حتى لو قيل عندهم الموجود شيء تلقّوه بالقبول. ولو قيل ليس بشيء قابلوه بالإنكار. ولا يفرقون بين أن يكون قديما أو حادثا جسما أو عرضا. ونحو وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً «4» ينفي إطلاق الشيء على المعدوم. ونحو وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «5» ينفي اختصاصه بالقديم. ونحو وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً «6» ينفي اختصاصه بالجسم. وقول لبيد:
ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل وكلّ نعيم لا محالة زائل ينفي اختصاصه بالحادث، هكذا يستفاد من شرح المواقف وحاشيته للمولوي عبد الحكيم في بيان أنّ المعدوم شيء أم لا، وغيرهما كحواشي الخيالي. والشيء عند المحاسبين هو العدد المجهول المضروب في نفسه في باب الجبر والمقابلة.
الشّيبانية:
[في الانكليزية] Al -Shaibaniyya (sect)
[ في الفرنسية] Al -Chaibaniyya (secte)
بالمثناة التحتانية فرقة من الخوارج الثعالبة أصحاب شيبان بن سلمة «7»، قالوا بالجبر ونفي القدرة الحادثة كذا في شرح المواقف «8».
__________
(1) بمعنى ... في الخارج (- م).
(2) البقرة/ 106.
(3) هو عبد الله بن محمد الناشئ الأنباري، أبو العباس. توفي بمصر عام 293 هـ/ 906 م. شاعر مجيد، يعدّ من طبقة البحتري وابن الرومي. عالم بالأدب والدين والمنطق. وله عدة تصانيف جميلة. الأعلام 4/ 118، تاريخ بغداد 10/ 92، وفيات الأعيان 1/ 263.
(4) مريم/ 9.
(5) البقرة/ 284.
(6) الكهف/ 23.
(7) هو شيبان بن سلمة السدوسي الحروري. توفي عام 130 هـ/ 748 م. رأس الفرقة الشيبانية من الخوارج، كان يقول بالتشبيه، وله مخاريق كثيرة. الأعلام 3/ 180، الطبري 9/ 102، ابن الأثير 5/ 143، المقريزي 1/ 355، الملل والنحل 145.
(8) فرقة من الخوارج الحرورية، أتباع شيبان بن سلمة السدوسي. خالفوا الإمام علي بن أبي طالب وقاتلوه وناصبوه العداء، وسمّوا بالنواصب، كانوا يقولون بالتشبيه. كما كانت لهم ثورات كثيرة. الملل والنحل 145، كنز العلوم واللغة 593، الطبري 9/ 102، المقريزي 1/ 355، التاج 1/ 487.

الصفحة 1048