كتاب كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم (اسم الجزء: 1)
المقدّمة في بيان العلوم المدوّنة وما يتعلّق بها
العلوم المدوّنة: وهي العلوم التي دوّنت في الكتب كعلم الصرف والنحو المنطق والحكمة ونحوها.
اعلم أنّ العلماء اختلفوا؛ فقيل: لا يشترط في كون الشخص عالما بعلم أن يعلمه بالدليل؛ وقيل:
يشترط ذلك حتى لو علمه [أحد] «1» بلا أخذ «2» دليل يسمّى حاكيا لا عالما، وإليه يشير كلام المحقق عبد الحكيم «3» في حاشية فوائد الضيائية «4» حيث قال: من قال العلم عبارة عن العلم بالمسائل المدلّلة جعل العلم بالمسائل المجرّدة حكاية لمسائل العلوم، ومن قال إنه عبارة عن المسائل جعله علما انتهى.
وبالنظر إلى المذهب الأول ذكر المحقّق المذكور في حواشي الخيالي «5» من «6» أنّ العلم قد يطلق على التصديق بالمسائل، وقد يطلق على نفس المسائل، وقد يطلق على الملكة الحاصلة منها.
وأيضا مما يقال كتبت علم فلان أو سمعته، أو يحصر في ثمانية أبواب مثلا هو المعنى الثاني، ويمكن حمله على المعنى الأول أيضا بلا بعد، لأن تدوين المعلوم بعد تدوين العلم عرفا، وأمّا تدوين الملكة فممّا يأباه الذوق السليم انتهى. وما يقال فلان يعلم النحو مثلا لا يراد به أن جميع مسائله حاضرة في ذهنه، بل يراد به أنّ له حالة بسيطة إجمالية هي مبدأ لتفاصيل مسائله، بها يتمكّن من استحضارها، فالمراد بالعلم المتعلّق بالنحو هاهنا هو الملكة وإن كان النحو عبارة عن المسائل، هكذا يستفاد من المطوّل وحواشيه «7».
__________
(1) أحد (+ م).
(2) أخذ (- م).
(3) عبد الحكيم، هو عبد الحكيم بن شمس الدين محمد الهندي السيالكوتي الپنجابي. توفي حوالي العام 1067 هـ/ 1656 م. من أهل سيالكوت التابعة للاهور بالهند. فقيه حنفي، عالم بالتفسير، والعقائد، وكان من كبار العلماء وخيارهم. وله الكثير من التصانيف، الأعلام 3/ 283، معجم المفسرين 1/ 258، خلاصة الأثر 2/ 318، معجم المطبوعات 1068، أبجد العلوم 902، هدية العارفين 1/ 504، إيضاح المكنون 1/ 140، معجم المؤلفين 5/ 95.
(4) حاشية الفوائد الضيائية لعبد الحكيم بن شمس الدين محمد السيالكوتي الپنجابي الهندي الفقيه الحنفي (- 1067 هـ) طبعت في القاهرة سنة 1256 هـ. معجم المطبوعات العربية، 1069.
(5) حاشية الخيالي لعبد الحكيم بن شمس الدين محمد السيالكوتي (- 1067 هـ) وتعرف بزبدة الافكار. آستانة 1235 هـ. معجم المطبوعات العربية، 1069.
(6) من (- م، ع).
(7) المطول للعلامة سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (- 792 هـ/ 1389 م) شرح فيه كتاب تلخيص المفتاح في المعاني والبيان لجلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني الشافعي المعروف بخطيب دمشق (- 739 هـ).-
الصفحة 3
2134