كتاب كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم (اسم الجزء: 1)

ومنه ما ينتهي إلى تمام الكلام، ومنه ما يكون في أثنائه. وقال غيره سبب إختلاف السلف في عدد الآي أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقف على رءوس الآي للتوقيف، فإذا علم محلّها وصل للتمام فيحسب السامع حينئذ أنّها فاصلة. وقد أخرج ابن الضريس «1» من طريق عثمان بن عطاء «2» عن أبيه عن ابن عباس «3»:
قال جميع آي القرآن ستة آلاف آية وستمائة آية وستّ عشرة آية، وجميع حروف القرآن ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألف حرف وستمائة حرف وسبعون حرفا. وقال الدواني أجمعوا على أنّ عدد الآي ستة آلاف آية، ثم اختلفوا فيما زاد، فمنهم من لم يزد، ومنهم من قال ومائة آية وأربع آيات. وقيل وأربع عشرة. وقيل وتسع عشرة. وقيل وخمس وعشرون. وقيل وست وثلثون.
ثم اعلم أنه قال ابن السّكّيت «4»: المنزّل من القرآن على أربعة أقسام: مكّي ومدني وما بعضه مكّي وبعضه مدني وما ليس بمكّي ولا مدني. وللناس في المكّي والمدني ثلاثة اصطلاحات: أولها أشهر وهو أن المكي ما نزل قبل الهجرة والمدني ما نزل بعد الهجرة، سواء نزل بالمدينة أو بمكّة، عام الفتح أو عام حجّة الوداع أو بسفر من الأسفار، فما نزل في سفر الهجرة مكّي. وثانيها أنّ المكّي ما نزل بمكّة ولو بعد الهجرة والمدني ما نزل بالمدينة، فما نزل في الأسفار ليس بمكّي ولا مدني فثبت الواسطة. وثالثها أنّ المكّي ما وقع خطابا لأهل مكّة والمدني ما وقع خطابا لأهل المدينة، انتهى ما في الإتقان.
والآية عند الصوفية عبارة عن الجمع، والجمع شهود الأشياء المتفرّقة بعين الواحديّة الإلهية الحقيقيّة. وفي الإنسان الكامل «5» الآيات عبارة عن حقائق الجمع، كلّ آية تدلّ على جمع إلهي من حيث معنى مخصوص، يعلم ذلك الجمع الإلهي من مفهوم الآية المتلوّة. ولا بدّ لكلّ جمع من اسم جمالي وجلالي يكون التجلّي الإلهي في ذلك الجمع من حيث ذلك الاسم، فكانت الآية عبارة عن الجمع لأنها عبارة واحدة عن كلمات شتى، وليس الجمع إلّا شهود الأشياء المتفرّقة بعين الواحديّة الإلهية الحقيقيّة.
__________
(1) هو محمد بن أيوب بن يحي بن الضريس البجلي الرازي، أبو عبد الله. ولد حوالي العام 200 هـ/ 815 م ومات بالري عام 294 هـ/ 906 م. من حفاظ الحديث. له بعض المؤلفات. الاعلام 6/ 46، تذكرة الحفاظ 2/ 195، معجم المفسرين 2/ 496، طبقات المفسرين للداودي 2/ 105، العبر 2/ 98، هدية العارفين 2/ 21، كشف الظنون 458، شذرات الذهب 2/ 216، النجوم الزاهرة 3/ 162، الوافي 2/ 234.
(2) هو عثمان بن عطاء بن أبي مسلم، عبيد الله، الخراساني، أبو مسعود المقدسي. ولد في بلخ عام 88 هـ وتوفي عام 155 هـ.
محدث، ضعّفه العلماء. تهذيب التهذيب 7/ 138.
(3) هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، أبو العباس. ولد بمكة عام 3 قبل الهجرة/ 619 م، وتوفي بالطائف عام 68 هـ/ 687 م. ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، من كبار الصحابة وأعلمهم، لقب بحبر الأمة، وروى الكثير من الأحاديث، وسمّي بترجمان القرآن. الاعلام 4/ 95، صفة الصفوة 1/ 314، حلية الأولياء 1/ 314، تاريخ الخميس 1/ 167، معجم المفسرين 1/ 311، العبر 1/ 76، تاريخ بغداد 1/ 173، طبقات القراء 1/ 41، شذرات الذهب 1/ 57، طبقات السبكي 11/ 365، تهذيب التهذيب 5/ 276.
(4) هو يعقوب بن إسحاق بن السكيت، أبو يوسف. ولد بالقرب من البصرة عام 186 هـ/ 802 م وتوفي ببغداد عام 244 هـ/ 858 م. إمام في اللغة والأدب، وكان متشيّعا. ترك الكثير من المؤلفات. الأعلام 8/ 195، وفيات الاعيان 2/ 309، الفهرست 72، هدية العارفين 2/ 536، دائرة المعارف الاسلامية 1/ 200.
(5) الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل لعبد الكريم بن ابراهيم الجيلي (- 805 هـ) وهو كتاب في اصطلاحات الصوفية، القاهرة، 1293 هـ في جزءين. كشف الظنون 1/ 181. معجم المطبوعات العربية 728.

الصفحة 77