كتاب كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم (اسم الجزء: المقدمة)

ولا سيما أنّه بحقله والمعاني مغروس في وعي الذهنية العربية والاسلامية، قابع في اللامفكر به داخلها، وكل نشاط مستجد لن يخرج عن أرضيتها وبنائها. ففي هذه الذهنية وبها يتمثّل المعنى وينطلق اللفظ معبّرا عمّا في الافهام بعد هضمها في الأذهان، عندها يتم الاذتهان ونتمثّل العلوم العصرية خير تمثّل وبأفضل استقلاب مماثلة لما يحدث في العضويات.
قيل في الكشاف: «هو معجم عظيم النفع للمصطلحات العلمية والفنية، يغني عن مراجعه آلاف من الصفحات وعشرات من الكتب. كفى تقديرا له أنّ علماء العرب تلقوه بالقبول، وعلماء الغرب عملوا على نشره» «1».
وذكر أيضا: «والكتاب لا يستغني عنه دارس لجوانب المعرفة التراثية، وبخاصة في ميادين العلوم المختلفة كالطب والفلسفة والرياضيات والتصوف والفقه ... » «2».
كما وصف أيضا بأنه: «ابتكار جديد في الكتب والأدوات المساعدة في التصنيف أكثر منه في التصنيف نفسه، إذ إنّ في تصنيف العلوم قد كتب من كتب ... ولكن كثيرا من مشكلات التصنيف نجد حلا لها في هذا الكشاف. فالصياغات اللفظية لها مدلولاتها في الذهن والواقع» «3».
ولقد وضع العلماء المسلمون عددا من الموسوعات العلمية والمعاجم الشاملة التي تعين الباحث على مبتغاه؛ مثل جامع العلوم الملقّب بدستور العلماء لأحمدنكري، ومفاتيح العلوم للخوارزمي، والكليات لأبي البقاء الكفوي، والتعريفات للجرجاني وغيرها، ولعلّ أوسع هذه الكتب وأشملها كتاب الكشاف.
الباعث على تأليف الكشاف:
يقول التهانوي عن باعثه إلى انتهاض الجد وتشمير العزم وتوكيد الحزم وتنفيذه فيما حفزه إلى هذا العمل الشاق الواسع:
«إنّ أكثر ما يحتاج به في تحصيل العلوم المدوّنة والفنون المروّجة إلى الأساتذة هو اشتباه الاصطلاح، فان لكل علم اصطلاحا خاصا به، إذا لم يعلم بذلك لا يتيسّر للشارع فيه الاهتداء إليه سبيلا، ولا إلى انقسامه دليلا. فطريق علمه إما الرجوع إليهم
__________
(1) أحمد، د. جميل، حركة التأليف باللغة العربية في الاقليم الشمالي الهندي، ص 21 و 169.
(2) عطية، مع المكتبة العربية، دراسة في أمهات المصادر والمراجع المتصلة بالتراث ص 70.
(3) ساجقلي زاده، ترتيب العلوم، ص 47.

الصفحة 44