كتاب كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم (اسم الجزء: المقدمة)

أو إلى الكتب التي جمع فيها اللغات المصطلحة ... ولم أجد كتابا حاويا لاصطلاحات جميع العلوم المتداولة بين الناس وغيرها. وقد كان يختلج في صدري أوان التحصيل أن أؤلف كتابا وافيا لاصطلاحات جميع العلوم، كافيا للمتعلم من الرجوع إلى الأساتذة العالمين بها، كي لا يبقى حينئذ للمتعلم بعد تحصيل العلوم العربية حاجة إليهم إلا من حيث السّند عنهم تبركا وتطوعا. فلما فرغت من تحصيل العلوم العربية والشرعية ... شمّرت عن ساق الجد إلى اقتناء ذخائر العلوم من الحكمة ... فصرفت شطرا من الزمان في مطالعة مختصراتها الموجودة عندي، فكشفها الله تعالى عليّ، فاقتبست منها المصطلحات أوان المطالعة وسطّرتها على حدة في كل باب يليق بها على ترتيب حروف التهجي كي يسهل استخراجها لكل أحد.
فحصّلت في بضع سنين كتابا جامعا لها. ولما حصل الفراغ من تسويده سنة 1158 هـ، جعلته موسوما وملقّبا بكشاف اصطلاحات الفنون ... » «1».
إذا، كان الغرض الأساسي الذي سعى إليه التهانوي التوفير على طالب العلم الجهد والوقت اللذين يبذلهما في أثناء التعرف على معنى متشعب الدلالات متنوع الموضوعات حيث يضيع بين طيات عشرات الكتب اللغوية والعلمية وربما لا يهتدي إلى مقصوده ولا يجد إليه سبيلا.
منهج الكشاف:
جاء الكشاف استجابة لملء الفراغ في المكتبة العربية والاسلامية. وقد استقصى فيه التهانوي بحث المعاني وايرادها على مختلف دلالاتها متدرجا من الدلالة اللغوية إلى الدلالة النقلية فالعقلية ثم العلمية. وتوسّع أحيانا في ايراد المسائل التي اقتضاها البحث في مجال من المجالات وأسهب. وسار على المنوال نفسه في بعض الألفاظ الفارسية التي طعّمها في الكتاب ولا سيما في آخره، والتي وضعناها تبعا لرسمها ولفظها وبالتسلسل الألفبائي مع العربية.
وكان يعتمد في كل شرح على الكتب المعتبرة في العلوم المختلفة فيذكرها ويذكر أحيانا أصحابها، بمثل ما يورد الثقات من العلماء والمؤلفين، ويعمد أحيانا إلى ايراد المظان التي نقل عنها بارسالها في ثنايا المادة أو في آخرها.
__________
(1) مقدمة الكشاف، ط الهند، ص ص 1 - 2.

الصفحة 45