كتاب قصص من التاريخ

حملته على ظهرها هذه الأرض (¬1)؛ فامش إليها ولا تخف!
فعاد السمرقندي، فلما دنا من الدار سمع ضجة ورأى ولدين قد شج أحدهما الآخر شجة منكرة، ورأى الخليفة يخرج بنفسه فيأخذ الولدين، فيراه فيسأله، فيقول: إني متظلّم يا أمير المؤمنين. فيقول له: مكانَك حتى أعود إليك.
ويدخل بالغلامين، ويسمع السمرقندي صوت امرأة تصرخ: «ابني»، فيعلم أنها أم الوليد المشجوج، وتدخل الدار مُرَيْئة (¬2) فترى الولد الآخر فتقول: «ابني». ويسمع القصة فيعلم أن ابن أمير المؤمنين قد خرج يلعب مع الغلمان فشجّه ابن هذه المرأة، وتقول المرأة: ارحموه، إنه يتيم فقير! ويرق قلب السمرقندي ويشفق على هذه المرأة أن تُضرب عنق ابنها أمامها وهو طفل لا ذنب له ولا يُسأل عن فعلته، وإذا بأمير المؤمنين يقول لها: أما له من عطاء؟ فتقول: لا. فيقول: سنكتبه في الذرية.
وتخرج المرأة شاكرة داعية، ويسمع السمرقندي فاطمة بنت عبد الملك تقول مُغضَبة: فعل الله به وفعل إن لم يشجه مرة أخرى. فيقول الخليفة: إنكم أفزعتموه (¬3).
وخرج الخليفة فدعاه فسأله عن حاله، فشكا إليه قتيبة
¬__________
(¬1) الدار هي المدرسة السميساطية اليوم، عند الباب الشمالي للأموي، وفي جوارها مدارس كثيرة منها التي تضم قبر صلاح الدين الأيوبي.
(¬2) تصغير امرأة.
(¬3) سيرة عمر لابن الجوزي (طبع خالي محب الدين الخطيب سنة 1331)، ص 176.

الصفحة 100