كتاب قصص من التاريخ

المدن، كتاريخ بغداد الذي ترجم لكل من دخل بغداد فلم يُبقِ ولم يذر، والكتاب الذي لم يؤلف في بابه مثله، كتاب ابن عساكر العجيب الذي عجزت دمشق عن طبعه وعن نشره. وما ألف على العصور. وعندنا سلسلة كاملة لأعيان كل عصر، من العصر السابع إلى الثاني عشر الهجري (¬1)، وما كان منها جامعاً كوفَيَات الأعيان، الكتاب النفيس الممتاز. وغير ذلك مما يتعسر الإحاطة به وتقصّي خبره في مثل هذا المقام. وفي كل صفحة من هذه الكتب مبعث إلهام للأديب، وأصل قصة للكاتب، وكنز من كنوز العقل والقلب لا يفنى.
ألفوا هذه الكتب كلها في «علم الرجال»، على حين لا نعرف من تصانيفهم في تاريخ الملوك إلا بضعة كتب كالطبري وابن الأثير وابن كثير والمسعودي واليعقوبي وابن خلدون وأمثالها. ويا ليت وزارات المعارف في بلاد المسلمين تدع هذا كله، فلا تجعله أكبر همها من درس التاريخ وغاية مطلبها، وتنصرف إلى التاريخ العلمي فتعنى به (¬2). ورب عالم كان أبلغ أثراً في عصره من خليفة العصر، وكان أولى أن يُعرف العصر به ويُنسب إليه، فنقول عصر أبي حنيفة
¬__________
(¬1) وقد ألف أحد المشايخ في دمشق في أعيان القرن الثالث عشر كتاباً ينقصه التحقق والترتيب. ثم طُبع كتاب الشيخ عبد الرزاق البيطار، جد شيخنا بهجة الشام حفظه الله، وهو كتاب جامع نافع.
(¬2) حققت هذا -بفضل الله- لما عُهد إلي وضع مناهج المدارس الشرعية في سورية أيام الوحدة، وجعلت مكان التاريخ درس «أعلام الإسلام».

الصفحة 14