كتاب قصص من التاريخ

طالب علم
قال محمد بن سعيد: ويْك! اتق الله يا أبا فلان. إنك لتوشك أن تقتل هذا الرجل الصالح وتبوء والله بدمه. ويلك اتق الله. لا تطرده من «فندقك» فإنه غريب نائي الديار، قطع سباسب (¬1) وبحاراً وجاب ما بين المشرقين.
قال: أبقيّ بن مخلد (¬2) جاب ما بين المشرقين؟
قال: نعم، وهل تراني عنيت غيره؟ إنه حاجتي إليك، وما سألتك حاجة قبلها، أفلا تقضيها لي؟ إنه شيخ جليل القدر يحمل الحديث ويروي السنن، أفندعه يموت على قارعة الطريق؟
قال: وما أصنع به أنا؟ لقد آويته في فندقي عامين اثنين، لا آخذ منه مالاً ولا أرزؤه شيئاً ولا أعصي له أمراً، أفيكون جزائي أن أعجف عليه نفسي (¬3) حتى يموت، فيخرج من فندقي محمولاً
¬__________
(¬1) السّباسب هي الصحارى، مفردها: سَبْسَب (مجاهد).
(¬2) انظر الصفحة 79 من «مختصر طبقات الحنابلة»، طبع دمشق.
(¬3) يقال: عجف نفسه على فلان: احتمل منه ولم يؤاخذه، وعجف نفسه على المريض: صبّرها على التمريض والقيام عليه (مجاهد).

الصفحة 315