كتاب قصص من التاريخ

مقدمة

لم تُكتَب هذه الفصول في يوم واحد، بل كُتبت في أزمان متباعدات (¬1)، لذلك كان ما ترون من الاختلاف بين أساليبها. ولم أتعمد أن أجعلها قصصاً كما جاء في عنوان الكتاب، ولم أتقيد بقيود القصة وأقفْ عند حدودها، بل كنت آخذ الخبر أقع عليه، فأديره في ذهني وأتصور تفاصيله، ثم أحاول أن أعرضه موسَّعاً واضحاً. فكان ما أجيء به يقترب من القصة حيناً، ويكون أشبه بالعرض (الريبورتاج) حيناً. وربما غلبت عليّ الرغبة في التحليل النفسي فأطيل، وربما وقفت عند الحقائق فأقصر. ولو رجعتم إلى أصول هذه الفصول في التاريخ لوجدتم أن أكثرها لا يجاوز بضعة أسطر، جاءت متوارية في حاشية من الحواشي أو زاوية من
¬__________
(¬1) نُشر الكتاب أول مرة سنة 1939م باسم «من التاريخ الإسلامي»، أما القصص فقد كُتب كثير منها ما بين 1929م و 1936م، وفي بعضه أثر من أساليب من كنت مولعاً بهم يومئذ من الأدباء. ففي قصص الحجاج (هجرة معلم، وليلة الوداع، ويوم اللقاء) أثر من أسلوب معروف الأرناؤوط، وفي قصة «عالم» أثر من أسلوب الرافعي، وسائرها مكتوب بأسلوبي. وقد كتب النقاد عن الكتاب فصولاً كثيرة أجمعها وأوسعها ما تفضّل به الأستاذ شاكر مصطفى في كتابه «القصة في سوريا» والأستاذ أنور الجندي.

الصفحة 7