كتاب قيمة الزمن عند العلماء
ويكتفون بها في لذتهم العقلية، وهي ليست إلا مخدرا للعقل، أو منبها للغرائز الجنسية. وقليل من الصبر وقوة الإرادة يجعل المتعلم صالحا للدراسة الجدية والقراءة المفيدة.
وكل مثقف يستطيع أن يحرك في نفسه هوى لشيء جدي، في نوع من أنواع المعارف، يدرسه ويتوسع فيه ويتعمقه، سواء كان أدبا، أو حيوانا، أو أزهارا، أو ميكانيكا، أو تاريخ عصر من العصور، أو أي ضرب من ضروب المعارف الإنسانية. ثم يثير رغبته فيه، ثم يخصص جزءا من يومه لدراسته والاهتمام به:
فإذا هو إنسان آخر، له ناحية من نواحي القوة، وله شخصيته المحترمة، وله نفعه لنفسه ولأبناء جنسه وسواهم.
وإذا الأمة غنية بأبنائها في شتى فروع العلم والمعارف والفنون، تعتمد على كل فيما تخصص فيه من نواحي الحياة.
وإذا الناس في مجالسهم يرقى حديثهم، ويسمو تفكيرهم، وتنضر حياتهم، ويكتسب بعضهم من بعض ثقافة وعلما وأدبا وسلوكا وتقديرا للزمن.
وإذا الثقافة ارتقت، والعقول اتسعت، والحياة سمت، والقوة ازدادت، وسبل المعيشة تيسرت وازدهرت.
إذ ذاك يشعر الناس أن عليهم واجبا أن يغدوا عقولهم كما يغذون معداتهم، وأن لا حياة لهم بدون غذاء، ولا غذاء بدون محافظة على الزمن وكسبه والاستفادة المثلى فيه، وعندئذ يرتقي المجتمع وأهله بيئة وفكرا وصناعة وإنتاجا وعطاء ونفعاً.
الصفحة 121
160