كتاب قلائد العقيان في محاسن الرؤساء والقضاة والكتاب والأدباء والأعيان

ميا أدفنشُ يا مغرورُ هلاّ ... تجنّبت المشيخة يا غلامُ
ستسالك النساء ولا الرجال ... فحدث ما ورائك يا عصامُ
راقبها بأرضك طالعات ... كما تهدي صواعقها الغمامُ
أقمت لذا الوغا سوقاً فخذها ... مناجرةً وهون ما تسامُ
فإن شئتَ اللُّجين فثمّ سام ... وإن شئت النَّضار فثمّ حامُ
جلالك فوق ما يعطيك وهم ... وفعلك فوق ما يسمع الكلامُ
وأنت النعمة البيضاء فاسلم ... لنا وليطّرد فيك التمامُ
ومازال ابن صمادح يتصنع إليه بكل معنى يغرب، ويفسد ما بينه وبين المعتمد ويخرب، ويؤرش بينهما ويضرب، فلما أعلم بقبيح سعيه، وعلم حقيقة بغيه، كتب إليه: كامل

يا من تعرّض لي يريد مساءتي ... لا تعرضنّ فقد نصحت لمندمِ
من غرّة منّي خلايق سهلة ... فالستم تحت لبان مسّ الأرقمِ
ومن منازعه الشريفة، ومقاطعه المنيفة، وشيمه الملكية، وهممه الفلكية، أن ابن زيدون الذي كان وزير أبيه الذي أظهر صولته، ودبر دولته، وأدجى ضحاها، وأدار بالمكاره رحاها، وأغراه بأعدائه، وزين له الإيقاع بعماله ووزرائه، فغدا شجا في صدورهم، ونكدا في سرورهم، فلما هيل التراب على المعتضد، وأفضى أمره إلى المعتمد، ثاروا إلى طلب ابن زيدون وجاشوا، وبروا في البغي له وراشوا، وأغروه بنكبته، وأروه الرشاد في هدم رتبته، وأرادوه بالي أرادهم، وكادوه كما كادهم، فرموا إلى المعتمد برقعة فيها: كامل

يا أيّها الملك العليّ الأعظم ... اقطع وريدي كلّ باغ ينئمُ
واحسم بسيفك داء كلّ منافق ... يبدي الجميل وضدّ ذلك يكتمُ
لا تحقرنّ من الكلام قليله ... إنّ الكلام له سيوف تكلمُ
والملك يحمي ملكه عن لفظة ... تسري فتجلي عن دواةٍ تعظمُ
فضلاً عن الكلم الذي قد أصبحت ... غوغاؤنا جهراً به تتكلمُ
فالله يعلم أن كلّ مؤمل ... مثلي على حذر وخوف منهمُ
فالدمع من أجفاننا متهلّل ... والنار في أحشائنا تتضرمُ
ولقد علمتَ ولن نبصّرك الهدى ... فلأنت أهدى في الأمور واعلمُ

الصفحة 14