كتاب كليلة ودمنة

من رقدتهم؛ كالطبيب الذي يجب عليه في صناعته حفظ الأجساد على صحتها أو ردها إلى الصحة. فكرهت أن يموت أو أموت وما يبقى على الأرض غلا من يقول: إنه كان بيدبا الفيلسوف في زمان دبشليم الطاغي فلم يرده عما كان عليه. فإن قال قائل: إنه لم يمكنه كلامه خوفاً على نفسه، قالوا: كان الهرب منه ومن جواره أولى به؛ والانزعاج عن الوطن شديدٌ؛ فرأيت أن أجود بحياتي؛ فأكون قد أتيت فيما بيني وبين الحكماء بعدي عذراً. فحملتها على التغرير أو الظفر بما أريده. وكان من ذلك ما أنتم معاينوه: فإنه يقال في بعض الأمثال: إن لم يبلغ أحد مرتبة إلا بإحدى ثلاثٍ: إما بمشقةٍ تناله في نفسه، وإما بوضعيةٍ في ماله أو وكسٍ في دينه. ومن لم يركب الأهوال لم ينل الرغائب. وإن الملك دبشليم قد بسط لساني في أن أضع كتاباً فيه ضروب الحكمة. فليضع كل واحد منكم شيئاً في أي فن شاء؛ وليعرضه علي لأنظر مقدار

الصفحة 34