كتاب كليلة ودمنة

ما عزم من ذلك، وأعانني على بلوغ مراده. فليأمر الملك بما شاء من ذلك: فإن صائرٌ إلى غرضه، مجتهداٌ فيه برأيي. قال له الملك: يا بيدبا لم تزل موصوفاً بحسن الرأي وطاعة الملوك في أمورهم. وقد اختبرت منك ذلك، واخترت أن تضع هذا الكتاب، وتعمل فيه فكرك، وتجهد فيه نفسك، بغاية ما تجد إليه السبيل. وليكن مشتملاً على الجد والهزل واللهو والحكمة والفلسفة. فكفر له بيدبا وسجد، وقال: قد أجبت الملك أدام الله أيامه إلى ما أمرني به، وجعلت بيني وبينه أجلاً. قال: وكم هو الأجل؟ قال: سنةٌ. قال: قد أجلتك؛ وأمر له بجائزةٍ سنيةٍ تعينه على عمل الكتاب فبقى بيدبا مفكراً في الأخذ فيه، وفي أي صورةٍ يبتدي بها فيه وفي وضعه.
ثم إن بيدبا جمع تلاميذه وقال لهم: إن الملك قد ندبني لأمر فيه فخري وفخركم وفخر بلادكم، وقد جمعتكم لهذا الأمر. ثم وصف لهم ما سأل الملك من أمر الكتاب، والغرض الذي

الصفحة 37