كتاب كليلة ودمنة

الثانية من فراخها فتذبح. وقد يقال: إن الله تعالى قد جعل لكل شيءٍ حداً يوقف عليه. ومن تجاوز في أشياء حدها أوشك أن يلحقه التقصير عن بلوغها. ويقال: من كان سعيه لأخرته ودنياه فحياته له وعليه. ويقال في ثلاثة أشياء يجب على صاحب الدنيا إصلاحها وبذل جهده فيها: منها أمر معيشته؛ ومنها ما بينه وبين الناس؛ ومنها ما يكسبه الذكر الجميل بعد. وقد قيل في أمورٍ من كن فيها لم يستقم له عملٌ. من التواني؛ ومنها تضييع الفرص؛ ومنها التصديق لكل مخبرٍ. فرب مخبرٍ بشيءٍ عقله ولا يعرف استقامته فيصدقه.
وينبغي للعاقل أن يكون لهواه متهماً؛ ولا يقبل من كل أحدٍ حديثاً؛ ولا يتمادى في الخطأ إذا ظهر له خطؤه ولا يقدم على أمرٍ حتى يتبين له الصواب، وتتضح له الحقيقة؛ ولا يكون كالرجل الذي يحيد عن الطريق، فيستمر على الضلال، فلا يزداد في السير إلا جهداً، وعن القصد إلا بعداً؛ وكالرجل الذي تقذى عينه فلا يزال يحكها، وربما كان ذلك

الصفحة 66