كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 1)

وعلى ربهم يتوكلون "1.
__________
وهذا كله مما أبطله الشرع; لضرره على الإنسان عقلا وتفكيرا وسلوكا، وكون الإنسان لا يبالي بهذه الأمور، هذا هو التوكل على الله، ولهذا ختم المسألة بقوله: " وعلى ربهم يتوكلون " ; فانتفاء هذه الأمور عنهم يدل على قوة توكلهم.
وهل هذه الأشياء تدل على أن من لم يتصف بها فهو مذموم، أو فاته الكمال؟
الجواب: أن الكمال فاته إلا بالنسبة للتطير; فإنه لا يجوز; لأنه ضرر وليس له حقيقة أصلا.
أما بالنسبة لطلب العلاج; فالظاهر أنه مثله لأنه عام، وقد يقال: إنه لولا قوله: " ولا يسترقون " ; لقلت: إنه لا يدخل; لأن الاكتواء ضرر محقق: إحراق بالنار، وألم للإنسان، ونفعه مرتجى، لكن كلمة "يسترقون" مشكلة; فالرقية ليس فيها ضرر، إن لم تنفع لم تضر، وهنا نقول: الدواء مثلها; لأن الدواء إذا لم ينفع لم يضر، وقد يضر أيضا; لأن الإنسان إذا تناول دواء وليس فيه مرض لهذا الدواء فقد يضره.
وهذه المسألة تحتاج إلى بحث، وهل نقول مثلا: ما تؤكد منفعته إذا لم يكن في الإنسان إذلال لنفسه; فهو لا يضر، أي: لا يفوت المرء الكمال به، مثل الكسر وقطع العضو مثلا، أو كما يفعل الناس الآن في الزائدة وغيرها.
ولو قال قائل بالاقتصار على ما في هذا الحديث، وهو أنهم لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون، وأن ما عدا ذلك لا يمنع من دخول الجنة بلا حساب ولا عذاب; للنصوص الواردة بالأمر بالتداوي والثناء
__________
1 مسلم: الإيمان (218) , وأحمد (4/443) .

الصفحة 104