كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 1)

...................................................................................
وقوله: {ألا تعبدوا} "أن" هنا: مصدرية بدليل حذف النون من "تعبدوا"، والاستثناء هنا مفرغ، لأن الفعل لم يأخذ مفعوله، فمفعوله ما بعد إلا.
وقوله: {إلا إياه} ضمير نصب منفصل واجب الانفصال، لأن المتصل لا يقع بعد إلا، قال ابن مالك:
وذو اتصال منه ما لا يبتدا ... ولا يلي إلا اختيارا أبدا1
إشكال وجوابه:
إذا قيل: ثبت أن الله قضى كونا ما لا يحبه، فكيف يقضي الله ما لا يحبه؟ فالجواب: أن المحبوب قسمان:
1- محبوب لذاته.
2- محبوب لغيره.
فالمحبوب لغيره قد يكون مكروها لذاته، ولكن يحب لما فيه من الحكمة والمصلحة، فيكون حينئذ محبوبا من وجه، مكروها من وجه آخر. مثال ذلك: الفساد في الأرض من بني إسرائيل في حد ذاته مكروه إلى الله; لأن الله لا يحب الفساد، ولا المفسدين، ولكن للحكمة التي يتضمنها يكون بها محبوبا إلى الله- عز وجل- من وجه آخر.
ومن ذلك: القحط، والجدب، والمرض، والفقر، لأن الله رحيم لا يحب أن يؤذي عباده بشيء من ذلك، بل يريد بعباده اليسر، لكن يقدره للحكم المترتبة عليه، فيكون محبوبا إلى الله من وجه، مكروها من وجه آخر.
__________
1"ألفية ابن مالك" (ص 12) .

الصفحة 31