كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 1)

.......................................................................
وقوله: {ألا تشركوا} "أن": تفسيرية، تفسر {أتل ما حرم} أي: أتلو عليكم ألا تشركوا به شيئا، وليست مصدرية، وقد قيل به، وعلى هذا القول تكون "لا" زائدة، ولكن القول الأول أصح، أي: أتل عليكم عدم الإشراك، لأن الله لم يحرم علينا أن لا نشرك به، بل حرم علينا أن نشرك به، ومما يؤيد أن "أن" تفسيرية أن "لا" هنا ناهية لتتناسب الجمل، فتكون كلها طلبية.
وقوله: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} أي: وأتلو عليكم الأمر بالإحسان إلى الوالدين.
وقوله: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم} بعد أن ذكر حق الأصول ذكر حق الفروع.
والأولاد في اللغة العربية: يشمل الذكر والأنثى، قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء: من الآية11] .
وقوله: {من إملاق} الإملاق: الفقر، و (من) للسببية والتعليل؛ أي: بسبب الإملاق.
وقوله: {نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} أي: إذا أبقيتموهم، فإن الرزق لن يضيق عليكم بإبقائهم; لأن الذي يقوم بالرزق هو الله.
وبدأ هنا برزق الوالدين، وفي سورة الإسراء بدأ برزق الأولاد، والحكمة في ذلك أنه قال هنا: {من إملاق} فالإملاق حاصل، فبدأ بذكر الوالدين اللذين أملقا، وهناك قال: {خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} [الإسراء: من الآية31] 1 فهما غنيان، لكن يخشيان الفقر، فبدأ برزق الأولاد قبل رزق الوالدين.
وتقييد النهي عن قتل الأولاد بخشية الإملاق بناء على واقع المشركين غالبا; فلا مفهوم له.
__________
1 سورة الإسراء آية: 31.

الصفحة 37