كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 1)

.......................................................................
وقوله: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} 1.
وقوله: {وَلا تَقْرَبُوا} هذا حماية لأموال اليتامى أن لا نقربها إلا بالخصلة التي هي أحسن، فلا نقربها بأي تصرف إلا بما نرى أنه أحسن، فإذا لاح للولي تصرفان أحدهما أكثر ربحا، فالواجب عليه أن يأخذ بما هو أكثر ربحا لأنه أحسن.
والحسن هنا يشمل: الحسن الدنيوي، والحسن الديني، فإذا لاح تصرفان أحدهما أكثر ربحا وفيه ربا، والآخر أقل ربحا وهو أسلم من الربا، فنقدم الأخير، لأن الحسن الشرعي مقدم على الحسن الدنيوي المادي.
وقوله: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} (حتى) : هنا: حرف غاية، فما بعدها مخالف لما قبلها. أي: إذا بلغ أشده، فإننا ندفعه إليه بعد أن نختبره، وننظر في حسن تصرفه، ولا يجوز لنا أن نبقيه عندنا، ومعنى أشده: قوته العقلية والبدنية، والخطاب هنا لأولياء اليتامى، أو للحاكم على قول بعض أهل العلم، وبلوغ الأشد يختلف، والمراد به هنا الأشد الذي يكون به التكليف، وهو تمام خمس عشرة سنة أو إنبات العانة أو الإنزال.
وقوله: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ} 2 أي: أوفوا الكيل إذا كلتم فيما يكال من الأطعمة والحبوب. وأوفوا الميزان: إذا وزنتم فيما يوزن، كاللحوم مثلا والأمر بالإيفاء شامل لجميع ما تتعامل به مع غيرك; فيجب عليك أن توفي بالكيل والوزن وغيرهما في التعامل. وقوله: {بِالْقِسْطِ} أي: بالعدل. ولما كان قوله: {بِالْقِسْطِ} قد
__________
1 سورة الأنعام آية: 152.
2 سورة الأنعام آية: 152.

الصفحة 40