كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 1)

.......................................................................
يشق بعض الأحيان; لأن الإنسان قد يفوته أن يوفي الكيل أو الوزن أحيانا، أعقب ذلك بقوله: {لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} 1 أي: طاقتها، فإذا بذل جهده وطاقته، وحصل النقص، فلا يعد مخالفا؛ لأن ما خرج عن الطاقة معفو عنه فيه، وكما أن هذه الجملة تفيد العفو من وجه، وهو ما خرج عن الوسع، فإنها تفيد التغليظ من وجه، وهو أن على المرء أن يبذل وسعه في الإيفاء بالقسط، ولكن متى تبين الخطأ وجب تلافيه؛ لأنه داخل في الوسع.
وقوله: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} 2 معناه: أي قول تقوله، فإنه يجب عليك أن تعدل فيه، سواء كان ذلك لنفسك على غيرك، أو لغيرك على نفسك، أو لغيرك على غيرك، أو لتحكم بين اثنين، فالواجب العدل، إذ العدل في اللغة الاستقامة، وضده الجور والميل، فلا تمل يمينا ولا شمالا، ولم يقل هنا: {لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} 3 لأن القول لا يشق فيه العدل غالبا.
وقوله: {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} 4 أي: المقول له ذا قرابة، أي: صاحب قرابة، فلا تحابيه لقرابته؛ فتميل معه على غيره من أجله، فاجعل أمرك إلى الله- عز وجل- الذي خلقك، وأمَرك بهذا، وإليه سترجع، ويسألك عزوجل ماذا فعلت في هذه الأمانة. وقد أقسم أشرف الخلق، وسيد ولد آدم، وأعدل البشر، محمد صلى الله عليه وسلم وقال: " وايم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت; لقطعت يدها " 5.
وقوله: {وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا} 6 قدم المتعلَّق، للاهتمام به. وعهد الله:
__________
1 سورة الأنعام آية: 152.
2 سورة الأنعام آية: 152.
3 سورة الأنعام آية: 152.
4 سورة المائدة آية: 106.
5 من حديث عائشة, رواه: البخاري (كتاب الأنبياء, باب حدثنا أبو اليمان, 2/466) , ومسلم (كتاب الحدود, باب قطع السارق الشريف, 3/1315) .
6 سورة الأنعام آية: 152.

الصفحة 41