كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 1)

.......................................................................
ولا بد أن يوجد العلم بلا إله إلا الله ثم الشهادة بها.
وقوله: (أن) : مخففة من الثقيلة، والنطق بأن مشددة خطأ، لأن المشددة لا يمكن حذف اسمها، والمخففة يمكن حذفه.
وقوله: (لا إله) : أي: لا مألوه، وليس بمعنى لا آله، والمألوه: هو المعبود محبة وتعظيما، تحبه وتعظمه؛ لما تعلم من صفاته العظيمة، وأفعاله الجليلة.
وقوله: (لا الله) : أي: لا مألوه إلا الله، ولهذا حكي عن قريش قولهم: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} 1.
أما قوله تعالى: {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} 2 فهذا التأله باطل؛ لأنه بغير حق، فهو منفي شرعا، وإذا انتفى شرعا، فهو كالمنتفي وقوعا فلا قرار له: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} 3.
وبهذا يحصل الجمع بين قوله تعالى: {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ} 4 وقوله تعالى حكاية عن قريش: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً} 5 وبين قوله تعالى: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ} 6 فهذه الآلهة مجرد أسماء لا معاني لها ولا حقيقة، إذ هي باطلة شرعا، لا تستحق أن تسمى آلهة، لأنها لا تنفع ولا تضر، ولا تخلق ولا ترزق; كما قال تعالى: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} 7.
التوحيد عند المتكلمين:
يقولون: إن معنى إله: آله، والإله: القادر على الاختراع، فيكون معنى لا إله إلا الله: لا قادر على الاختراع إلا الله.
__________
1 سورة ص آية: 5.
2 سورة هود آية: 101.
3 سورة إبراهيم آية: 26.
4 سورة هود آية: 101.
5 سورة ص آية: 5.
6 سورة آل عمران آية: 62.
7 سورة يوسف آية: 40.

الصفحة 64