كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 1)

.......................................................................
والتوحيد عندهم: أن توحد الله، فتقول: هو واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في أفعاله لا شريك له، وواحد في صفاته لا شبيه له، ولو كان هذا معنى لا إله إلا الله، لما أنكرت قريش على النبي صلى الله عليه وسلم دعوته، ولآمنت به وصدقت، لأن قريشا تقول: لا خالق إلا الله، و ((لا خالق)) أبلغ من كلمة ((لا قادر)) ، لأن القادر قد يفعل وقد لا يفعل، أما الخالق، فقد فعل وحقق بقدرة منه، فصار فهم المشركين خيرا من فهم هؤلاء المتكلمين والمنتسبين للإسلام، فالتوحيد الذي جاءت به الرسل في قوله تعالى: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} 1 أي: من إله حقيقي يستحق أن يعبد، وهو الله.
ومن المؤسف؛ أنه يوجد كثير من الكتاب الآن، الذين يكتبون في هذه الأبواب، تجدهم عندما يتكلمون على التوحيد: لا يقررون أكثر من توحيد الربوبية، وهذا غلط، ونقص عظيم، ويجب أن نغرس في قلوب المسلمين توحيد الألوهية، أكثر من توحيد الربوبية، لأن توحيد الربوبية لم ينكره أحد إنكارا حقيقيا، فكوننا لا نقرر إلا هذا الأمر الفطري المعلوم بالعقل، ونسكت عن الأمر الذي يغلب فيه الهوى؛ هو نقص عظيم، فعبادة غير الله هي التي يسيطر فيها هوى الإنسان على نفسه؛ حتى يصرفه عن عبادة الله وحده، فيعبد الأولياء، ويعبد هواه، حتى جعل النبي صلى الله عليه وسلم الذي همه الدرهم والدينار ونحوهما، عابدا2، وقال الله- عز وجل -: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} 3.
فالمعاصي من حيث المعنى العام، أو الجنس العام يمكن أن نعتبرها من الشرك.
__________
1 سورة الأعراف آية: 59.
2 سبق تخريجه (ص 35) .
3 سورة آية: 23.

الصفحة 65