كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 1)

.......................................................................
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا يدي ... فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم
قال ابن رجب وغيره: إنه لم يترك لله شيئا ما دامت الدنيا والآخرة من جود الرسول صلى الله عليه وسلم ونشهد أن من يقول هذا، ما شهد أن محمدا عبد الله، بل شهد أن محمدا فوق الله! كيف يصل بهم الغلو إلى هذا الحد؟!
وهذا الغلو فوق غلو النصارى الذين قالوا: إن المسيح ابن الله، وقالوا: إن الله ثالث ثلاثة.
هم قالوا فوق ذلك، قالوا: إن الله يقول: " من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، وأنا مع عبدي إذا ذكرني " 1 والرسول معنا إذا ذكرناه، ولهذا كان أولئك الغلاة ليلة المولد إذا تلى التالي "المخرف" كلمة المصطفى قاموا جميعا قيام رجل واحد، يقولون: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حضر مجلسنا بنفسه، فقمنا إجلالا له، والصحابة رضي الله عنهم أشد إجلالا منهم ومنا، ومع ذلك إذا دخل عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم وهو حي يكلمهم لا يقومون له، وهؤلاء يقومون إذا تخيلوا أو جاءهم شبح إن كانوا يشاهدون شيئا، فانظر كيف بلغت بهم عقولهم إلى هذا الحد! فهؤلاء ما شهدوا أن محمدا عبد الله ورسوله، وهؤلاء المخرفون مساكين، إن نظرنا إليهم بعين
__________
1 من حديث أبي هريرة, رواه: البخاري (كتاب التوحيد, باب قول الله تعالى: وبحذركم الله نفسه , 4/284) , ومسلم (كتاب الذكر والدعاء, باب الحث على ذكر الله تعالى, 4/2061) .

الصفحة 69