كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 1)

وكلمته ألقاها إلى مريم...................................................
__________
أما عقيدتنا نحن فيه: فنشهد أنه عبد الله ورسوله، وأن أمه صديقة، كما أخبر الله تعالى بذلك، وأنها أحصنت فرجها، وأنها عذراء، ولكن مثله عند الله كمثل آدم، خلقه من تراب ثم قال له: كن، فيكون.
وفي قوله: "عبد الله": رد على النصارى.
وفي قوله: "ورسوله": رد على اليهود.
قوله: "وكلمته ألقاها إلى مريم": أطلق الله عليه كلمة، لأنه خلق بالكلمة عليه السلام، فالحديث ليس على ظاهره، إذ عيسى عليه السلام ليس كلمة، لأنه يأكل، ويشرب، ويبول ويتغوط، وتجري عليه جميع الأحوال البشرية، قال الله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} 1 وعيسى عليه السلام ليس كلمة الله، إذ أن كلام الله وصف قائم به، لا بائن منه، أما عيسى، فهو ذات بائنة عن الله- سبحانه- يذهب ويجيء، ويأكل الطعام ويشرب.
قوله: " ألقاها إلى مريم " أي: وجهها إليها بقوله: {كُنْ فَيَكُونُ} كما قال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} 2.
ومريم ابنة عمران ليست أخت موسى وهارون عليهما السلام كما يظنه بعض الناس، ولكن كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم3 فهارون أخو مريم، ليس هارون أخا موسى، بل هو آخر يسمى باسمه، وكذلك عمران سمي باسم أبي موسى.
__________
1 سورة آل عمران آية: 59.
2 سورة آل عمران آية: 59.
3 من حديث المغيرة بن شعبة, رواه: مسلم (كتاب الأدب, باب النهي عن التكني بأبي القاسم وما يستحب من الأسماء, 3/1685) .

الصفحة 73