كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 1)

قلت: ارتقيت قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي. قال: وما حدثكم؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن الحصيب، أنه قال: لا رقية إلا من عين أو حمة 1.
قال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع ".
__________
قوله: "ارتقيت"، أي: استرقيت، لأن افتعل مثل استفعل، وفي رواية مسلم: "استرقيت"، أي: طلبت الرقية. قوله: "فما حملك على ذلك": أي: قال سعيد: ما السبب أنك استرقيت.
قوله: "حديث حدثناه الشعبي": وهذا يدل على أن السلف رضي الله عنهم يتحاورون حتى يصلوا إلى الحقيقة. فسعيد بن جبير لم يقصد الانتقاد على هذا الرجل، بل قصد أن يستفهم منه ويعرف مستنده.
قوله: "لا رقية ": أي: لا قراءة أو لا استرقاء على مريض أو مصاب.
قوله: "إلا من عين": ويسميها العامة الآن: "النحاتة"، وبعضهم يسميها "النفس"، وبعضهم يسميها "الحسد". وهي نظرة من حاسد نفسه خبيثة، تتكيف بكيفية خاصة؛ فينبعث منها ما يؤثر على المصاب.
قوله: "حمة": بضم الحاء، وفتح الميم، مع تخفيفها، وهي كل ذات سم، والمعنى لدغته إحدى ذوات السموم، والعقرب من ذوات السموم. فقال سعيد بن جبير: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن حدثنا ابن عباس ... إلخ. إذن، فحصين استند على حديث: " لا رقية إلا من عين أو حمة " وهذا يدل على أن الرقية من العين أو الحمة مفيدة، وهذا أمر واقع، فإن
__________
1 الترمذي: الطب (2057) , وأبو داود: الطب (3884) , وأحمد (4/436 ,4/438 ,4/446) .

الصفحة 98