فقال: (الشرك بالله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله ((2) .
__________
قوله: " الشرك بالله": ظاهر الإطلاق: أن المراد به الشرك الأصغر والأكبر، وهو الظاهر; لأن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر، قال ابن مسعود: (لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا ((1) ، وذلك لأن سيئة الشرك أعظم من سيئة الكذب; فدل على أن الشرك من الكبائر مطلقا.
والشرك بالله يتضمن الشرك بربوبيته، أو بألوهيته، أو بأسمائه وصفاته.
قوله: "اليأس من روح الله": اليأس: فقد الرجاء، والروح بفتح الراء قريب من معنى الرحمة، وهو الفرج والتنفيس، واليأس من روح الله من كبائر الذنوب لنتائجه السيئة.
قوله: "الأمن من مكر الله": بأن يعصي الله مع استدراجه بالنعم، قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ، وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} ، [الأعراف:182-183] .
وظاهر هذا الحديث: الحصر، وليس كذلك: لأن هناك كبائر غير هذه، ولكن الرسول (يجيب كل سائل بما يناسب حاله; فلعله رأى هذا السائل عنده شيء من الأمن من مكر الله أو اليأس من روح الله، فأراد أن يبين له ذلك، وهذه مسألة ينبغي أن يفطن لها الإنسان، فيما يأتي من
__________
(1) سبق (ص 27) .
(2) أخرجه البزار; كما في "كشف الأستار" (106) , وابن أبي حاتم; كما في "تفسير ابن كثير" (/485) , والطبراني; كما في "المجمع" (1/104) , وفي "الدر المنثور" (2/ 147) . وقال الهيثمي (1/104) : "رواه البزار والطبراني, ورجاله موثقون".