فتلك عبادتهم (رواه أحمد والترمذي وحسنه (1) .
__________
قوله: " فتلك عبادتهم ": ووجه كونها عبادة: أن من معنى العبادة الطاعة، وطاعة غير الله عبادة للمطاع، ولكن بشرط إن تكون في غير طاعة الله، أما إذا كانت في طاعة الله; فهي عبادة لله; لأنك أطعت غير الله في طاعة الله، كما لو أمرك أبوك بالصلاة فصليت; فلا تكون قد عبدت أباك بطاعتك له، ولكن عبدت الله; لأنك أطعت غير الله في طاعة الله; ولأن أمر غير الله بطاعة الله وامتثال أمره؛ هو امتثال لأمر الله.
ويستفاد من الحديث:
1- أن الطاعة بمعنى العبادة عبودية مقيدة.
2- أن الطاعة في مخالفة شرع الله من عبادة المطاع، أما في عبادة الله، فهي عبادة لله.
3- أن اتباع العلماء والعباد في مخالفة شرع الله من اتخاذهم أربابا.
واعلم أن اتباع العلماء أو الأمراء، في تحليل ما حرم الله أو العكس، ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: أن يتابعهم في ذلك راضيا بقولهم، مقدما له، ساخطا لحكم الله; فهو كافر لأنه كره ما أنزل الله، فأحبط الله عمله، ولا تحبط الأعمال إلا بالكفر، فكل من كره ما أنزل الله; فهو كافر.
__________
(1) أخرجه الترمذي في (تفسير القرآن, تفسير سورة التوبة/8/248) - وقال: "غريب, لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب, وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث", وابن جرير (10/80،81) , والبيهقي (10/116) , والمزي في "تهذيب الكمال" (2/109) . وانظر: والدر المنثور للسيوطي (3/230) . وقد حسنه شيخ الإسلام في "الإيمان" (ص64) .