......................................................................
__________
الثاني: أن المراد بالرزق المطر، وقد روي في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه ضعيف1 إلا أنه صح عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية: أن المراد بالرزق المطر، وأن التكذيب به نسبته إلى الأنواء2، وعليه يكون ما ساق المؤلف الآية من أجله مناسبا للباب تماما.
والقاعدة في التفسير: أن الآية إذا كانت تحتمل المعنيين جميعا بدون منافاة تحمل عليهما جميعا، وإن حصل بينهما منافاة طلب المرجح.
ومعنى الآية: أن الله يوبخ هؤلاء الذين يجعلون شكر الرزق التكذيب والاستكبار والبعد لأن شكر الرزق يكون بالتصديق والقبول والعمل بطاعة المنعم، والفطرة كذلك لا تقبل أن تكفر بمن ينعم عليها; فالفطرة والعقل والشرع كل منها يوجب أن تشكر من ينعم عليك، سواء قلنا: المراد بالرزق المطر الذي به حياة الأرض، أو قلنا: إن المراد به القرآن الذي به حياة القلوب; فإن هذا من أعظم الرزق; فكيف يليق بالإنسان أن يقابل هذه النعمة بالتكذيب؟!
واعلم أن التكذيب نوعان:
أحدهما: التكذيب بلسان المقال، بأن يقول: هذا كذب، أو المطر من النوء، ونحو ذلك.
__________
1 أخرجه الإمام أحمد (1/89, 108) , والترمذي في (التفسير, ومن سورة الواقعة/9/ 35) , وقال: "حسن غريب, لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث إسرائيل, وروى سفيان عن عبد الأعلى هذا الحديث بهذا الإسناد ولم يرفعه". وأخرجه أيضا: ابن جرير (27/662) , وابن أبي حاتم; كما في "تفسير ابن كثير" (4/300) . وأورده في "الدر المنثور" (6/163) , وعزاه لابن منيع، وابن المنذر، وابن مردويه، وغيرهم، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
2 يأتي (ص30) .