كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 2)

......................................................................
__________
القلب "1. ووصف الله القرآن في آية أخرى بأنه مجيد، والمجد صفة العظمة والعزة والقوة، والقرآن جامع بين الأمرين: فيه قوة وعظمة، وكذا خيرات كثيرة وإحسان لمن تمسك به.
قوله: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} ، كتاب فعال بمعنى مفعول، مثل: فراش بمعنى مفروش، وغراس بمعنى مغروس، وكتاب بمعنى مكتوب.
والمكنون: المحفوظ، قال تعالى: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} ، [الصافات:49] .
واختلف المفسرون في هذا الكتاب على قولين:
الأول: أنه اللوح المحفوظ الذي كتب الله فيه كل شيء.
الثاني - وإليه ذهب ابن القيم-: أنه الصحف التي في أيدي الملائكة2.
قال تعالى: {كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ، فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ، فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ، مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ، بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} ، [عبس:11-15] .
فقوله: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} ، [عبس:15] يرجح أن المراد الكتب التي في أيدي الملائكة; لأن قوله: {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} ، [الواقعة:79] ، أي: الملائكة، يوازن قوله: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} ، وعلى هذا يكون المراد بالكتاب الجنس لا الواحد.
قوله: {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} ، الضمير يعود إلى الكتاب المكنون; لأنه أقرب شيء، وهو بالرفع {لاَ يَمَسُّهُ} باتفاق القراء.
وإنما نبهنا على ذلك; لدفع قول من يقول: إنه خبر بمعنى النهي، والضمير يعود على القرآن; أي: نهى أن يمس القرآن إلا طاهر، والآية ليس فيها ما
__________
1 أخرجه البخاري في (الإيمان, باب فضل من استبرأ لدينه/1/34) , ومسلم في (المساقاة, باب أخذ الحلال/3/1219) ; من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما.
2 انظر: "إعلام الموقعين" (1/225-226) .

الصفحة 36