كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 2)

وفي رواية لأحمد: " إن أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة "1.
__________
قوله: "وفي رواية لأحمد: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب ... ": هذه الرواية تفيد أمرا زائدا على ما سبق، وهو قوله: "فجرى في تلك الساعة"; فإنه صريح في أن القلم امتثل، والحديث الأول ليس فيه أنه كتب إلا عن طريق اللزوم بأنه سيكتب امتثالا لأمر الله تعالى; فيستفاد منه ما سبق من كتابة الله - سبحانه وتعالى- كل شيء إلى قيام الساعة، وهذا مذكور في القرآن الكريم في قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} 2 وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} 3 أي: من قبل أن نبرأ الخليقة، {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} 4.
قوله: "إلى يوم القيامة": هو يوم البعث، وسمي يوم القيامة; لقيام أمور ثلاثة فيه:
الأول: قيام الناس من قبورهم لرب العالمين; كما قال تعالى: {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} 5.
الثاني: قيام الأشهاد الذين يشهدون للرسل وعلى الأمم; لقوله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} 6.
__________
1 أخرجه: الإمام أحمد (5/317) , وابن أبي عاصم (107) . وفيه أيوب بن زياد الحمصي, لم يوثقه غير ابن حبان; كما في "تعجيل المنفعة" (ص 79) .
2 سورة الحج آية: 70.
3 سورة الحديد آية: 22.
4 سورةالحديد آية: 22.
5 سورة آية: 5-6.
6 سورة غافر آية: 51.

الصفحة 424