كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 2)

وفي " المسند " و"السنن" عن ابن الديلمي قال: "أتيت أبي بن كعب، فقلت: في نفسي شيء من القدر; فحدثني بشيء، لعل الله أن يذهبه من قلبي..................................................................
__________
أن الله يخرج من النار من كان من المؤمنين حتى صاروا حمما1 يعني: فحما أسود، وقد دل عليه القرآن في قوله تعالى: {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} 2 وفي قوله تعالى {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} 3.
قوله: "في نفسي شيء من القدر": لم يفصح عن هذا الشيء، لكن لعله لما حدثت بدعة القدر، وهي أول البدع حدوثا صار الناس يتشككون فيها ويتكلمون فيها، وإلا; فإن الناس قبل حدوث هذه البدعة كانوا على الحق، ولا سيما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه ذات يوم وهم يتكلمون في القدر، فغضب النبي عليه الصلاة السلام من ذلك، وأمرهم بأن لا يتنازعوا وأن لا يختلفوا، فكف الناس عن هذا4 حتى قامت بدعة القدرية وحصل ما حصل من الشبه، فلهذا يقول ابن الديلمي: "في نفسي شيء من القدر ... ".
قوله: "فحدثني بشيء لعل الله أن يذهبه من قلبي": أي: يذهب هذا
__________
1 أخرجه: البخاري في (الرقاق, باب صفة الجنة والنار, 1/20) , ومسلم في (الإيمان, باب معرفة طريق الرؤية, 1/ 167- 171) .
2 سورة الحج آية: 22.
3 سورة النساء آية: 56.
4 حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه; قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يختصمون في القدر; فكأنما يفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب, فقال: بهذا أمرتم, أو لهذا خلقتم؟! تضربون القرآن بعضه ببعض؟! بهذا هلكت الأمم قبلكم". أخرجه: ابن ماجه في (المقدمة, باب في القدر, 1/33) - قال في "الزوائد": "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات"-, واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (1119) . وأخرجه: أيضا أحمد في "المسند"- تحقيق شاكر- طريق حماد (6846) , ومن طريق أبي معاوية (6668) , ومن طريق أنس بن عياض عن أبي حازم (6702) . وقال أحمد شاكر: "إسناد صحيح".

الصفحة 426