كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 2)

......................................................................
__________
وذهب بعض أهل العلم من السلف والخلف إلى منع تصويره، واستدل بأن هذا من خلق الله عز وجل والحديث عام: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي"1 ولأن الله عز وجل تحدى هؤلاء بأن يخلقوا حبة أو يخلقوا شعيرة2 والحبة أو الشعيرة ليس فيها روح، لكن لا شك أنها نامية، وعلى هذا; فيكون تصويرها حراما، وقد ذهب إلى هذا مجاهد رحمه الله - أعلم التابعين بالتفسير-، وقال: إنه يحرم على الإنسان أن يصور الأشجار، لكن جمهور أهل العلم على الجواز، وهذا الحديث هل يؤيد رأي الجمهور أو يؤيد رأي مجاهد ومن قال بقوله؟
الجواب: يؤيد رأي مجاهد ومن قال بقوله أمران:
أولا: العموم في قوله: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي"3.
ثانيا: قوله: " أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة "، وهذه ليست ذات روح; فظاهر الحديث هذا مع مجاهد ومن يرى رأيه، ولكن الجمهور أجابوا عنه بالأحاديث التالية، وهي أن قوله: " أحيوا ما خلقتهم 4 "، وقوله: " كلف أن ينفخ فيها الروح 5 " يدل على أن المراد تصوير ما فيه روح، وأما قوله: "أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة"; فذكر على سبيل التحدي; أي: أن أولئك المصورين عاجزون حتى عن خلق ما لا روح فيه.
__________
1 البخاري: اللباس (5953) , ومسلم: اللباس والزينة (2111) , وأحمد (2/232 , 259 , 391 , 451 , 527) .
2 سبق (ص 437) .
3 البخاري: اللباس (5953) , ومسلم: اللباس والزينة (2111) , وأحمد (2/232 ,2/259 ,2/391 ,2/451 ,2/527) .
4 سبق تخريجه.
5 سيأتي (ص 446) .

الصفحة 441