كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 2)

إلا طمستها، ولا قبرا مشرفا; إلا سويته "1.
__________
قوله: "إلا طمستها": إن كانت ملونة فطمسها بوضع لون آخر يزيل معالمها، وإن كانت تمثالا فإنه يقطع رأسه، كما في حديث جبريل السابق، وإن كانت محفورة فيحفر على وجهه حتى لا تتبين معالمه; فالطمس يختلف، وظاهر الحديث سواء كانت تعبد من دون الله أو لا.
قوله: "ولا قبرا مشرفا": أي: عاليا.
قوله: "إلا سويته" له معنيان: الأول: أي سويته بما حوله من القبور. الثاني: جعلته حسنا على ما تقتضيه الشريعة، قال تعالى: {الذي خلق فسوى} 2 أي: سوى خلقه أحسن ما يكون، وهذا أحسن، والمعنيان متقاربان.
والإشراف له وجوه:
الأول: أن يكون مشرفا بكبر الأعلام التي توضع عليه، وتسمى عند الناس (نصائل) أو (نصائب) ، ونصائب أصح لغة من نصائل.
الثاني: أن يبني عليه، وهذا من كبائر الذنوب; لأن النبي صلى الله عليه وسلم " لعن المتخذين عليها المساجد والسرج "3.
الثالث: أن تشرف بالتلوين، وذلك بأن يوضع على أعلامها ألوان مزخرفة.
الرابع: أن يرفع تراب القبر عما حوله فيكون بينا ظاهرا. فكل شيء مشرف; أي: ظاهر على غيره متميز عن غيره يجب أن يسوى بغيره، لئلا
__________
1 أخرجه: مسلم في (الجنائز, دار الأمر بتسوية القبر, 2/ 666) .
2 سورة الأعلى آية: 2.
3 سبق (1/428) .

الصفحة 448