وفي رواية للبخاري: " يجعل السماوات على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع "1 أخرجاه.
__________
تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} 2 وضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه وأبو هريرة حين حدث به كذلك3 فهذا الإنسان الذي يقول: إن الله سميع بلا سمع بصير بلا بصر نقول له هكذا. وكذلك الذي ينكر حقيقة اليد ويقول: إن الله لا يقبض السماوات بيمينه، وأن معنى قبضته، أي: في تصرفه، فهذا نقول له كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم. فالمقام ليس بالأمر بالسهل، بل هو أمر صعب ودقيق للغاية، فإنه يخشى من أن يقع أحد في محذور كان بإمكانك أن تمسك عنه، وهذا هو فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع تصرفاته إذا تأملتها، حتى الأمور العملية قد يؤجلها إذا خاف من فتنة أو من شيء أشد ضررا، كما أخر بناء الكعبة على قواعد إبراهيم خوفا من أن يكون فتنة لقريش الذين أسلموا حديثا4.
قوله: " والماء والثرى على إصبع ": هذا لا ينافي قوله: " الأرضين على أصبع "; لأنه يقال: "الماء والثرى على إصبع"; أي: الأرض كلها على إصبع، ويراد بالإصبع الجنس، وإلا لتناقض مع معنى الحديث الذي قبله:
__________
1 أخرجها: البخاري في (التفسير, باب وما قدروا الله حق قدره , 3/283) .
2 سورة النساء آية: 58.
3 أخرجه: أبو داود في (السنة, باب في الجهمية, 5/96, 97) , وابن خزيمة في "التوحيد" (ص 42, 43) , والحاكم (1/24) - وقال: "صحيح, ولم يخرجاه, وقد احتج مسلم بحرملة بن عمران وأبي يونس, والباقون متفق عليهم", ووافقه الذهبي على شرط مسلم, والبيهقي في "الأسماء والصفات" (ص 179) , وابن حبان (1732- موارد) . وأورده السيوطي في "الدر المنثور", (2/175) , وعزاه أيضا لابن المنذر وابن أبي حاتم; عن أبي هريرة رضي الله عنه. وانظر: "تحفة الأشراف" (11/95) (رقم 15467) , و "جامع الأصول" (7/53) .
4 أخرجه: البخاري في (الحج, باب فضل مكة وبنيانها, 1/488) , ومسلم في (الحج, باب نقض الكعبة, 2/968) ; عن عائشة رضي الله عنها.