كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 2)

ثم يأخذهن بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ "1.
__________
قوله: " ثم يأخذهن بشماله ": كلمة (شمال) اختلف فيها الرواة، فمنهم من أثبتها، ومنهم من أسقطها، وقد حكموا على من أثبتها بالشذوذ; لأنه خالف ثقتين في روايتها عن ابن عمر. ومنهم من قال: إن ناقلها ثقة، ولكنه قالها من تصرفه2. وأصل هذه التخطئة هو ما ثبت في "صحيح مسلم": أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " المقسطون على منابر من نور على يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين "3 وهذا يقتضي أنه ليس هناك يد يمين ويد شمال.
ولكن إذا كانت لفظة "شمال" محفوظة، فهي عندي لا تنافي " كلتا يديه يمين "، لأن المعنى أن اليد الأخرى ليست كيد الشمال بالنسبة للمخلوق ناقصة عن اليد اليمنى، فقال: " كلتا يديه يمين "، أي: ليس فيها نقص، ويؤيد هذا قوله في حديث آدم: " اخترت يمين ربي وكلتا يديه يمين مباركة "4 فلما كان الوهم يذهب إلى أن إثبات الشمال، يعني: النقص في هذه اليد دون
__________
1 أخرجه: مسلم في (صفات المنافقين, باب صفة القيامة, 4/ 2148) .
2 قال البيهقي في "الأسماء والصفات" (ص 324) : "ذكر الشمال فيه تفرد به عمر بن حمزة عن سالم, وقد روى هذا الحديث نافع وعبيد الله بن مقسم عن ابن عمر, ولم يذكرا فيه الشمال, ورواه أبو هريرة رضي الله عنه وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم; فلم يذكر أحد منهم الشمال, وروي ذكر الشمال في حديث آخر غير هذه القصة إلا أنه ضعيف بمرة, تفرد بأحدهما جعفر بن الزبير, وبالآخر يزيد الرقاشي, وهما متروكان, وكيف يصح ذلك وصح عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه سمى كلما يديه يمين؟! وكأن من قال ذلك أرسله من لفظه على ما وقع له, أو على عادة العرب في ذكر الشمال في مقابلة اليمين". وانظر أيضا: "التذكرة" للقرطبي (ص 216) , "فتح الباري" (13/396) , "الأنوار البهية" (1/235) .
3 أخرجه: مسلم في (الإمارة, باب فضيلة الإمام العادل, 3/1458) ; عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
4 أخرجه: الترمذي مطولا في (التفسير, باب الأمر بالكتابة والشهود, 9/88) - وقال: "حسن غريب"-, والحاكم مختصرا (4/263) - وصححه, ووافقه الذهبي-, وابن أبي عاصم في "السنة" (204, 205) . وصححه الألباني; كما في تعليقه على "المشكاة" (3/1322) .

الصفحة 534