كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 2)

رواه ابن جرير (1) .
__________
قوله: "عامة": أي: أغلبية.
وقوله: "مؤاخاة الناس": أي: مودتهم ومصاحبتهم: أي: أكثر مودة الناس ومصاحبتهم على أمر الدنيا، وهذا قاله ابن عباس، وهو بعيد العهد منا قريب العهد من النبوة، فإذا كان الناس قد تغيروا في زمنه; فما بالك بالناس اليوم؟
فقد صارت مؤاخاة الناس- إلا النادر- على أمر الدنيا، بل صار أعظم من ذلك، يبيعون دينهم بدنياهم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ، [الأنفال:27] ، ولما كان غالب ما يحمل على الخيانة هو المال وحب الدنيا أعقبها بقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} ، [الأنفال:28] .
ويستفاد من أثر ابن عباس رضي الله عنهما:
أن لله تعالى أولياء، وهو ثابت بنص القرآن، قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} ، [البقرة: من الآية257] ، وقال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} ، [المائدة: من الآية55] ، فلله أولياء يتولون أمره ويقيمون دينه، وهو يتولاهم بالمعونة والتسديد والحفظ والتوفيق، والميزان لهذه الولاية قوله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} ، [يونس:62-63] .
__________
(1) أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (353) عن ابن عباس موقوفا, وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/312) عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا, والطبراني في "الكبير" (13537) عن ابن عمر موقوفا. ومداره على ليث بن أبي سليم, وهو ضعيف مختلط. انظر: "تهذيب التهذيب" (8/ 467) , و"تقريب التهذيب" (2/ 138) .

الصفحة 59