كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد (اسم الجزء: 2)

وقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} ، [العنكبوت: من الآية10] ، الآية.
__________
الآية الثالثة قوله تعالى: "ومن الناس": جار ومجرور خبر مقدم، و"من" تبعيضية.
وقوله: "من يقول": "من": مبتدأ مؤخر، والمراد بهؤلاء: من لا يصل الإيمان إلى قرارة قلبه; فيقول: آمنا بالله، لكنه إيمان متطرف; كقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} ، [الحج: من الآية11] ، "على حرف" ; أي: على طرف.
فإذا امتحنه الله بما يقدر عليه من إيذاء الأعداء في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله.
قوله: {فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ} ، "في": للسببية; أي: بسبب الإيمان بالله وإقامة دينه. ويجوز أن تكون "في" للظرفية على تقدير: "فإذا أوذي في شرع الله"; أي: إيذاء في هذا الشرع الذي تمسك به.
قوله: {جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ} ، "جعل": صير، والمراد بالفتنة هنا الإيذاء، وسمي فتنة; لأن الإنسان يفتتن به، فيصد عن سبيل الله; كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} ، [البروج: من الآية10] ، وإضافة الفتنة إلى الناس من باب إضافة المصدر إلى فاعله.
قوله: "كعذاب الله": ومعلوم أن الإنسان يفر من عذاب الله،

الصفحة 74