كتاب كشف الغمة عن أدلة الحجاب في الكتاب والسنة

* سابعاً: من الشواهد التي تقوي حديث ابن عباس هذا وتعضده؛ ما أخرجه الطبري بإسناد صحيح عن محمد بن سيرين قال سألت عبيدة السلماني عن قوله {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} (فتقنع بردائه فغطى أنفه وعينه اليسرى وأخرج عينه اليمنى وأدنى رداءه من فوق حتى جعله قريبا من حاجبه أو على الحاجب) (¬١) وهذا الأثر كذلك مما اعتمد عليه جل أهل التفسير في تفسير آية إدناء الجلابيب، وعبيدة السلماني من كبار التابعين وفقهائهم ممن أخذ علمه عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود، ومخضرم ثقة ثبت.
* ثامناً: مما يشهد لأثر ابن عباس أيضا؛ أثر قتادة (أن الله أخذ عليهن إذا خرجن أن يقنعن على الحواجب) وأثر ابن عباس (وإدناء الجلباب أن تقنّع وتشد على جبينها) فإنها تحمل معنى تغطية الوجه كما حملها عليه القرطبي، والشوكاني والثعالبي وغيرهم من المفسرين فقالوا؛ (قال ابن عباس وقتادة ذلك أن تلويه فوق الجبين وتشده ثم تعطفه على الأنف وإن ظهرت عيناها لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه).
* تاسعاً: أن الاعتجار والتقنع والتلفع بالجلابيب تعني تغطية الوجه عند مجموع أهل العلم من لغويين وفقهاء ومحدثين ومفسرين وهي من صور إدناء الجلباب التي سارعت إليها النساء عند نزول آية إدناء الجلابيب.
---------------
(¬١) صحح إسناده أ. د. حكمت بن بشير بن ياسين في الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور (٣/ ٤٦٣).

الصفحة 12