كتاب لوعة الشاكي ودمعة الباكي

الأرداف والخصور.
أتعجب ممن يهيم وجداً وحبَّا، وأَنهر سائل الدمع صبا، وأهزأ بمن يعرض نفسه على المحبوب ليستبعدها، وأُكذب بدواهي دواعي الغرام وأستبعدها، وأفوق إلى توبة وجميل سهام ملام، وأُسفه رأي قيس وعُروة بن حزام، وأعد ما نقلوه من أخبارهم كذباً ومجوناً، وأستبعد من عاقل أن يجلب لنفسه جنوناً، ولا سبيل عليَّ لسُلطان الغرام والسَّهَر، ولا طريق إلى قلبي لفرد غلام ولو كان كألف قمر.
فبينما نحن في هذه اللَّذَّة التي وصفتْ، والعيشة التي راقت وصفتْ، والحالة التي طابتْ وحَلتْ، والخلوة التي من الخيال والخبال خلت، وإذا بجانب الرَّوض قد سطعَ بالأنوار، وتمايل السُّرور من المسار، وصفقَ النّهر طَرَبا، وغنى الحمام وصَبَا، بالأنوار، وتبسمت الأزهار فرحاً واعجاباً، وتعانقت الأغصان بعد أن كانت غضابا، وشممنا أرجاً فاق في الآفاق على المسك الاذفر، ولولا التماسك لطار القلب من الخفقان وفرَّ، فحدقنا نحو تلك الحدائق، لننظر ما هذا الأرج الفائق.
وإذا نحن بغلمان، عدد الكواكب السيارة، قد أهالوا الشمس في الهاله، واخلجوا القمر في الدّارة، من التُّرك الذين فاقوا بالملاحة والجمال، ونهلوا من مياه مناهل (الدَّلِّ) والدلال، قد تجنوا على العاشق، فغدا في حاله مقلقة، وبخلوا بالوصل على الصبِّ بعيون ضيقة، وأحرقوا قلب المتيم

الصفحة 13