كتاب لوعة الشاكي ودمعة الباكي

قَسَمَاً بزورتكَ التي من غير ما ... وعدٍ سَمَحْتَ بها وغير تَكَلُّفِ
وبطيب ما أودعتَ من طيب الهوى ... سمعي وذكر صبابتي وتعنُّفي
هي زورة نفت الرقّاد وغادرت ... بين الجوانح جمرة لا تنطفي
ما أنتَ إلا مُنَيتي ومَنَّيتي ... وعلى رضاكَ تحرُّقي وتلهُّفي
أنا عَبْدُ عبدكَ إنْ غدوتَ مُواصلي ... أو هاجري أو ظالمي أو مُنصفي
ومريضُ حُبّكَ إنْ سمعتَ بأنَّهُ ... يوماً تحدَّثَ بالَسلُوَّ فلا شُفِي
فقال: صدقت في هذه الدعوى، وتبعت الحق في الشكوى، من عدم السلوى، فإن عندي لك من المحبة ما يشهد بصحة دعواك، وبي من الوجد ما أتحقق به بلواك،
وهاأنا في خدمتك وبين يديك، ونافذ علي حكمك ولا ينفذ حكمي عليك، فأمرني بالذي تختار وتريد، واحكم - فديتك - حكم الموالي على العبيد، وارسم، فإني لك سامع ومطيع، وقل، فقولك المسك يضوع ولا يضيع:
سيَّدي لبَّيكَ عشرا ... لستُ أعصي لكَ أمرا
كيف أعصيكَ وُودَّي ... لكَ دون النَّاس طُراَّ
فجلب قلبي بلطف كلامه الفصيح، وسلب لبي بغصن قوامه الرجيح، وأولاني من الإحسان ما لم يكن في الحساب، وفاضت جفوني فأخجلت نوء السحاب، وخدد سيل المدامع مني كل خد، وطال

الصفحة 24