كتاب لوعة الشاكي ودمعة الباكي

إذا عبث الغرام بقلب صَبٍّ ... وأمسى لا يحنُّ فليس منَّا
نشدتُكَ أيها اللاَّحي روُيدا ... فقد أزعجتَ قلباً مُطمئَّنا
أُعيذكَ من صباباتي ووَجْدي ... ومن قلقي إذا ما اللَّيلُ جَّنا
هوىً لو أنَّ عَذْرَةَ أدْرَكَتْهُ ... لأنساها هوى قيسٍ ولُبنى
فقال لي صاحبي وهو يحاورني، وبالعذل والملام يبادرني: بالله أرجح عما أنت فيه من الخيال والخبال، ولا تلحق ببطون الأودية ورؤوس الجبال.
فقلت: دعني بالله أيها الصاحب الصدوق، والناصح الشفوق، فإنني أخشى طول مدة الفراق وبعدها، فيا ليتني أراه نظرة وأموت بعدها:
أليس عجيباً أنَّني لا أراهم ... وأنَّ زماني بالفراق يفوتُ؟!
فيا ليت أنَّ الدَّهر جاد بُقربهم ... لعلِّي أراهم نظرةً وأموتُ
فقلد ذهبت مقلتي من السهر والعبرات، وأحترق قلبي بتصاعد الأنين والزفرات، وذاب فؤادي من لا عج الحب والغرام، وانتحل جسمي من تلاعب الضنى والسقام، فما لي سمير غير الهموم والفكر، ولا أنيس سوى الأحزان والسهر:
سَلُوا دُجى اللَّيل عن حالي وأخباري ... يحكي لكم سهري فيها وأفكاري
تُرى تَعُوُد ليالينا بذي سَلَمٍ ... لعلَّي أُقَضِّي لُباناتي وأوطاري
رُوحي الفداء لَمنْ باتت حواسده ... تثني على حُسْنه العاري من العار

الصفحة 40