كتاب لوعة الشاكي ودمعة الباكي

عنه عوضاً وبديلاً، ولا أتخذ غيره صديقاً وخليلاً، فجزاؤه أن يراعي جانبه ويواصل، ويناضل عدوه ويفاضل، فهو فينا محب، ونحن فيه أحب، وما جزاء من يحب إلا أن يحب.
لا تنس محافظته على العهد والوداد، ولذلك لا أخلف الميعاد، فدعه ينتظر بالمكان المذكور
فأنا أحرص منه على الإتيان والحضور، وليكن المكان خالياً من الأكدار، صافياً من الرقباء والأغيار، لا يشير إلينا سوى المنثور بإصبع وكف، ولا يرمقنا سوى عيون النرجس المضعف، ولتكن أنت معه في هذا المكان، فنعم الرجل أنت أيها الإنسان.
وأنَّى أتوجه من البستان إلى داره، وأرضيه جهدي وأداره، وأفوز بم نادمته ومفاكهته، وأشاركه في شرابه وفاكهته، وأسقيه طوراً بفمي وطوراً بالأقداح، وأشفيه بسقام عيوني المراض الصحاح، وأحييه بمشاهدة جبيني المشرق الوضاح، وأبيت في صدره معانقا من المساء إلى الصباح، فهل يجب علي أكثر مما ذكرت، وهل يطلب مني فوق ما أشرت؟!
فقلت له: لقد جاوزت الحدود في الأوصاف، وأنصفت غاية الإنصاف، فلم أملك
إعادة الجواب، ولا أطلت له بعدها في الخطاب، وسبقت إليك فوح النسيم؛ لأبشرك بطلوع الشمس في الليل البهيم، فقم على قدميك، وتلق بالترحاب من قدم عليك، وأنشد الأبيات والأمثال، في وصف هذا الحال:
أهلاً وسهلاً بكَ من زائرٍ ... يُخجل نورَ القمر الباهرْ

الصفحة 50