كتاب لوعة الشاكي ودمعة الباكي

فقال لي: بالله أميلك إلى هذا أو القينات أعظم؟ فأطلعني منك على المقصود، وأظهرني على المكتتم.
فقلت: إن كان حب سلمى للعيش أسلم، وعشق نعمى للعين أنعم، فقد تقنعت لكن؛ بالحبيب المعمم، أما علمت يا هذا فافهم وترنم:
أحببُتهُ مُتَعَمَّمَاً ومقُنَّعاً ... أبداً عليَّ بظُلمه يتعصَّبُ
فعندي من هواه ما أطلع النفس مع النفس، ومن السرور بلقائه ما أضاء له بين جوانح الصب قبس:
قد سَبَاني من بني التُّرْك رَشَا ... جوهريُّ الثَّغر مِسْكِيُّ النَّفَسْ
قد حَكَى شمساً وغُصْناً ونقا ... في ابتلاجٍ وارتجاجٍ ومَيَسْ
ضَيِّقُ العيَنْينِ تُركيُّهُمَا ... واسعُ الجبهةِ خَزِّيُّ الَمَجسْ
ناظِرِي للوَرْدِ مِنْهُ غارِسٌ ... ما لَهُ لا يَجتْنِيَ ممَّا غَرَسْ
أصْبَحَتْ عَقْرَبُ صَدْغَيْهِ مَعَاً ... لِجَنِىِّ الوَرْدِ في الخَدِّ حَرَسْ
وغَدَا ثُعْبَانُ دَبُّوقَتِهِ ... جَاِئلاً في ظَهْرِهِ ممَّا أَحَسّ
لَسْتُ أخْشَى سَيْفَهُ أو رُمْحَهُ ... إنَّما أَرْهَبُ لَحْظاً قَدْ نَعَسْ
اخْتَلَسْنَا بَعْدَ هَجْرٍ وَصْلَهُ ... إنَّ أهْنَى العَيْشِ ما كان خُلَسْ
لَسْتُ أَنْسَاه وقَدْ أطْلَعَ مِنْ ... خَدِّهِ ناراً أضاَءتْ في الغَلَسْ
ورمى العِمَّةَ فالتَاجَ لَنا ... فَرْقَ شَعْرٍ دقَّ معنى ما ألْتَبَسْ
لَمَس الكَاْسَ لكَيْ يَشْرَبَها ... فاعترتْهُ هزة لَمَّا لَمَسْ
ثُمَّ أدنى جوهراً من جَوْهَرٍ ... وتحسَّى الكأسَ في فَرْدِ نَفَسْ

الصفحة 66