كتاب لبيك حج الفقراء

كان والده يذهب كل صباح إلى المدينة أو إلى مزارع الكروم المجاورة للعمل ولم يكن يعود إليهم إلا في المساء. أما والدته فقد كانت معه ترعاه وتحرس الثلاث أو الأربع دجاجات اللاتي كان بيضهن يدر عليهم بعضا من المال لشراء الملاس للعائلة الفقيرة. كان الحجاج ملتفين حول هادي يستمعون إليه وهو يقص عليهم ماضيه:
- لكن أمي ماتت وباع أبي الدجاجات لأن بيضها كان يسرق من الزريبة التي ذهبنا لنقيم فيها لتكون داخل المدينة.
ثم قص عليهم لحاق أبيه بأمه بعد وقت قصير.
تذكر هادي كيف كان أبوه يسعل سعالا شديدا ويبصق دما ولم يعد قادرا على العمل. تذكر هادي تسوله وقد حمل إناء حارس المزراب ليستجدي طعاما لوالده، وعندما مات والده ظل هادي يتسول ليقتات.
وبقي على هذا الحال لعام أو عامين إلى أن عرف بعض الأولاد أكبر منه سنا، كان يلعب معهم على أرصفة مرفأ بونة، واستمر لقاءه بهم وتعلم منهم كيف يكسب عيشه مثلهم من مسح الأحذية أو العمل عتالا. أعاد الجفنة إلى حارس المزراب ولم يرجع إليه قط.

الصفحة 128