كتاب لبيك حج الفقراء
حتى إن كثيرا منهم قد صعد إلى السطح بحثا عن نسيم الصباح في انتظار ساعة الإفطار.
بعد مضي الليلة الهادئة اتسم الحجاج بمزاج عال إذ كانوا يتبادلون الابتسامات وكلهم فضول لمعرفة بعضهم أخبار بعض والسؤال عن أشغالهم وعن بلدانهم. نشأت بين الحجاج روح الجماعة التي زادتهم ترابطا أعلنوه في عبارة (الحجاج المغاربة)، كان إبراهيم موجودا على السطح رفقة هادي ومجموعتهما.
يحب المسلم الاستغراق في تأمل السماء كحب الباسكي للمحيط: كلاهما يرنو للهروب إلى اللانهاية. لم يكن النهار قد طلع بعد كان هادي منشغلا بحملة تفتيش في المركب، أما إبراهيم فكان لسانه يردد الذكر الصباحي مستعملا السبحة وبصره يجول بين آخر نجوم الليل المتبقية.
داعبت نسمة خفيفة وجهه أعطته إحساسا بلذة رقيقة. استدار إبراهيم جهة الإمام كي يشركه في إحساسه قائلا:
- أتدري وكأنه نسيم الصبا ... كان أبي -رحمة الله عليه - يقول لي بأنه ريح من الجنة عندما يطل على الأرض يوم سعيد.
الصفحة 133
157