كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

بمعاريض الكلام حُمْرُ النعم.
وقال الزهري (¬١)، عن حُميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أُمِّه، أم كُلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعَيْط، وكانت من المهاجرات الأُول قالت: لم أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرخّص في شيء مما يقول الناس: إنه كذب، إلا في ثلاث: الرجل يُصلِح بين الناس، والرجل يكذب لامرأته، والكذب في الحرب.
ومعنى الكذب في ذلك: هو المعاريض، لا صريح الكذب.
وقال منصور (¬٢): كان لهم كلام يَدْرَأون به عن أنفسهم العقوبة والبلايا، وقد لقي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - طليعة للمشركين، وهو في نفر من أصحابه فقال المشركون: ممن أنتم؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نحن من ماء!»، فنظر بعضهم إلى بعض، فقالوا: أحياءُ اليمن كثير، لعلهم منهم، وانصرفوا! (¬٣) وأراد - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «نحن من ماء» قوله تعالى: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: ٦].
---------------
(¬١) رواه مسلم (٢٦٠٥).
(¬٢) لم أقف عليه من كلام منصور، ورواه في المخارج في الحيل (ص ٨) وابن أبي شيبة (٥/ ٢٨٢) والطبري في تهذيب الآثار (٢٣٤ ــ مسند علي ـ) عن جرير عن منصور عن إبراهيم به، ولفظ ابن أبي شيبة: «كان لهم كلام يتكلّمون به يدرأون به عن أنفسهم مخافةَ الكذب»، ولفظ الطبري بنحوه.
(¬٣) رواه ابن إسحاق ــ كما في سيرة ابن هشام (٣/ ١٦٣) ــ عن محمد بن يحيى بن حبان مرسلًا.

الصفحة 650