كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 1)

قال الجوهري لو حرف تمنٍّ وهو لامْتِناعِ الثاني مِن أَجْل امْتِناعِ الأَوَّل تقول لَوْ جِئْتَني لأَكْرَمْتُكَ وهو خلاف إن التي للجزاء لأَنها تُوقعُ الثاني من أَجْل وُقُوعِ الأَوَّل قال وأَما لَوْلا فمركبة من معنى إِنْ ولَوْ وذلك أَنَّ لولا تمنع الثاني من أَجل وجود الأَوَّل قال ابن بري ظاهر كلام الجوهري يقضي بأَن لولا مركبة من أَن المفتوحة
( * قوله « من أن المفتوحة » كذا بالأصل ولعل الصواب من إن المكسورة ) ولو لأَن لو للامتناع وان للوجود فجعل لولا حرف امتناع لوجود قال الجوهري تقول لولا زيد لهلكنا أي امتنع وقوع الهلاك من أَجل وجود زيد هناك قال وقد تكون بمعنى هَلاَّ كقول جرير تَعُّدُونَ عَقْرَ النِّيبِ أَفْضَلَ مَجْدِكُم بَنِي ضَوْطَرَى لَوْلا الكَمِيَّ المُقَنَّعَا وإن جعلت لو اسماً شددته فقلت قد أَكثرت من اللَّوَّ لأَن حروف المَعاني والأَسماءَ الناقصةَ إذا صُيِّرَتْ أَسْماء تامة بإدخال الأَلف واللام عليها أَو بِإِعْرابِها شُدِّدَ ما هو منها على حرفين لأَنه يزاد في آخره حرف من جنسه فَتُدغمُ وتُصْرَِفُ إلا الأَلف فإِنك تَزيد عليها مثلها فتمدُّها لأَنها تَنْقَلِبُ عند التحريك لاجتماع الساكنين همزةً فتقول في لا كتبت لاءً حَسَنةً قال أَبو زُبَيْدٍ
لَيْتَ شِعْرِي وأَيْنَ مِنِّيَ لَيْت ؟ ... إِنَّ لَيْتاً وإِنَّ لَوًّا عَناء
وقال ابن سيده حكى ابن جني عن الفارسي سأَلتك حاجة فَلأْيَلْتَ لِي أَي قُلْتَ لِي لا اشْتَقُّوا من الحرف فعلاً وكذلك أَيضاً اشْتَقَّوا منه المَصْدَر وهو اسم فقالوا الَّلأْلأَة وحكي أَيضاً عن قطرب أَن بعضهم قال لا أَفْعلُ فأَمالَ لا قال وإنما أَمالَها لمَّا كانت جواباً قائمة بنفسها وقَوِيَتْ بذلك فلَحِقَتْ باللَّوَّة بالأَسماء والأفعال فأُمِيلَت كما أُميلا فهذا وجه إمالتها وحكى أَبو بكر في لا وما من بين أَخواتهما لَوْيْتُ لاء حَسَنةً بالمدّ ومَوَّيْتُ ماء حَسَنةً بالمدّ لمكان الفتحة من لا وما قال ابن جني القول في ذلك أَنهم لَمَّا أَرادوا اشْتِقاق فَعَّلْتُ مِن لا وما لم يمكن ذلك فيهما وهما على حرفين فزادوا على الأَلف أَلفاً أُخرى ثم هَمَزُوا الثانيةَ كما تقدَّم فصارت لاء وماء فَجَرَتْ بعد ذلك مجرى باء وحاء بعد المدّ وعلى هذا قالوا في النسب إِلى ما لَمَّا احْتاجُوا إلى تكميلها اسماً مُحْتَمِلاً للإعراب قد عَرَفْت مائِيَّةَ الشيء فالهمزةُ الآن إنما هي بدلٌ من أَلفٍ لَحِقَت أَلِفَ ما وقَضَوْا بأَنَّ أَلف ما ولا مُبْدلةٌ من واو كما ذكرناه من قول ابي علي ومَذْهَبِه في باب الراء وأَنَّ الرَّاء منها ياء حملاً على طوَيْت ورَوَيْت قال وقول أبي بكر لمكان الفتحة فيهما أَي لأَنك لا تُمِيلُ ما ولا فتقول ما ولا مُمالَتَيْنِ فذهب إلى أَنَّ الأَلف فيهما من واو كما قَدَّمْناه من قول أَبي علي ومذهبه وتكون زائدة كقوله تعالى لئَلاَّ يَعْلَم أَهلُ الكتابِ وقالوا نابَلْ يُريدون لا بَلْ وهذا على البَدَل ولولا كَلمة مُرَكَّبةٌ من لو ولا ومعناها امْتناعُ الشيء لوجود غيره كقولك لَوْلا زيد لَفَعَلْتُ وسأَلتك حاجة فَلَوْلَيْتَ لي أي قُلْتَ لَوْلا كذا كأَنه أَراد لَوْلَوْتُ فقلب الواو الأَخيرة ياء للمُجاورة واشتقوا أَيضاً من الحرف مَصْدراً كما اشتقوا منه فِعْلاً فقالوا اللَّوْلاة قال ابن سيده وإِنما ذكرنا ههنا لايَيْت ولَوْلَيْتُ لأَن هاتين الكلمتين المُغَيَّرَتَيْنِ بالتركيب إِنما مادَّتهما لا ولَوْ ولَوْلا أَن القِياسَ شيء بَرِيءٌ من التُّهَمة لقلت إنهما غير عربيتين فأَما قول الشاعر لَلَوْلا حُصَيْنٌ عَيْبَهُ أَن أَسُوءَه وأَنَّ بَني سَعدٌ صَديقٌ ووَالِدُ
( * قوله « عيبه » كذا في الأصل )
فإِنه أَكد الحرف باللام وقوله في الحديث إِيَّاكَ واللَّوَّ فإِنَّ اللَّوَّ مِن الشَّيطانِ يريد قول المُتَنَدِّم على الفائت لو كان كذا لَقلتُ ولَفَعَلْتُ وكذلك قول المُتَمَنِّي لأَنَّ ذلك مِن الاعْتراض على الأَقدار والأَصلُ فيه لَوْ ساكِنة الواو وهي حرف من حروف المَعاني يَمتنع بها الشيء لامْتناع غيره فإِذا سُمِّي بها زِيدَ فيها واو أُخرى ثم أُدغمت وشُدِّدت حَملاً على نظائرها من حروف المعاني والله أَعلم
( أمت ) أَمَتَ الشيءَ يَأْمِتُه أَمْتاً وأَمَّتَه قَدَّرَهُ وحَزَرَه ويُقال كم أَمْتُ ما بَيْنَكَ وبين الكُوفة ؟ أَي قَدْرُ وأَمَتُّ القومَ آمِتُهم أَمْتاً إِذا حَزَرْتَهم وأَمَتُّ الماءَ أَمْتاً إِذا قَدَّرْتَ ما بينك وبينه قال رؤبة في بَلْدةٍ يَعْيا بها الخِرِّيتُ رَأْيُ الأَدِلاَّءِ بها شَتِيتُ أَيْهاتَ منها ماؤُها المَأْمُوتُ المَأْمُوتُ المَحْزُورُ والخِرِّيتُ الدَّليلُ الحاذِقُ والشَّتِيتُ المُتَفَرِّق وعَنَى به ههنا المُخْتَلِفَ الصحاح وأَمَتُّ الشيءَ أَمْتاً قَصَدْته وقَدَّرْته يُقال هو إِلى أَجَلٍ مَأْمُوتٍ أَي مَوْقوتٍ ويقال امْتِ يا فلان هذا لي كم هو ؟ أَي احْزِرْه كم هو ؟ وقد أَمَتُّه آمِتُه أَمْتاً والأَمْتُ المكانُ المرتفع وشيءٌ مأْمُوتٌ معروف والأَمْتُ الانْخفاضُ والارْتفاعُ والاختلافُ في الشيءِ وأُمِّتَ بالشَّرِّ أُبِنَ به قال كثير عزة يَؤُوب أُولُو الحاجاتِ منه إِذا بَدا إِلى طَيِّبِ الأَثْوابِ غيرِ مُؤَمَّتِ والأَمْتُ الطريقةُ الحَسَنة والأَمْتُ العِوَجُ قال سيبويه وقالوا أَمْتٌ في الحَجر لا فيكَ أَي لِيَكُن الأَمْتُ في الحجارة لا فيك ومعناه أَبقاكَ اللَّهُ بعد فَناءِ الحجارة وهي مما يوصف بالخلول والبقاء أَلا تراه كيف قال ما أَنْعَمَ العَيْش لو أَنَّ الفَتَى حَجَرٌ تَنْبُو الحَوادِثُ عنه وهو مَلْمُومُ ورَفعُوه وإِن كان فيه معنى الدعاءِ لأَنه ليس بجارٍ على الفِعْل وصار كقولك التُّرابُ له وحَسُنَ الابتداءُ بالنكرة لأَنه في قُوّة الدُّعاء والأَمْتُ الرَّوابي الصِّغارُ والأَمْتُ النَّبَكُ وكذلك عَبَّرَ عنه ثعلب والأَمْتُ النِّبَاكُ وهي التِّلالُ الصِّغار والأَمْتُ الوَهْدة بين كل نَشْزَيْن وفي التنزيل العزيز لا تَرَى فيها عِوَجاً ولاأَمْتاً أَي لا انخفاض فيها ولا ارْتفاعَ قال الفراء الأَمْتُ

الصفحة 124