كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 1)
في قولهم يا لَلْعجَب أَي يا عجب تعالَ فإِنه من إبّانِكَ وأَحْيانِك وأَبَّنَ الرجلَ تأْبيناً وأَبَّله مَدَحه بعد موته وبكاه قال مُتمِّم بن نُوَيرة لعَمري وما دَهري بتأْبين هالكٍ ولا جَزِعاً ممّا أَصابَ فأَوْجعَا وقال ثعلب هو إذا ذكَرْتَه بعد موته بخير وقال مرة هو إذا ذكرته بعد الموت وقال شمر التَّأْبينُ الثَّناءُ على الرجل في الموت والحياة قال ابن سيده وقد جاء في الشعر مدْحاً للحَيّ وهو قول الراعي فرَفَّعَ أَصحابي المَطِيَّ وأَبَّنُوا هُنَيْدَة فاشتاقَ العُيونُ اللَّوامِح قال مَدحَها فاشْتاقوا أَن يَنْظروا إليها فأَسْرعوا السيرَ إليها شَوْقاً منهم أَن ينظروا منها وأَبَنْتُ الشيء رَقَبْتُه وقال أَوسٌ يصف الحمار يقولُ له الراؤُونَ هذاكَ راكِبٌ يُؤَبِّنُ شَخْصاً فوقَ علياءَ واقِفُ وحكى ابن بري قال روى ابنُ الأَعرابي يُوَبِّر قال ومعنى يُوَبِّر شخصاً أَي ينظر إليه ليَسْتَبينَه ويقال إنه لَيُوَبِّرُ أَثراً إذا اقتَصَّه وقيل لمادح الميت مُؤَبِّنٌ لاتِّباعه آثار فعاله وصنائعه والتَّأْبينُ اقتِفار الأََثر الجوهري التأْبينُ أَن تقْفو أَثَرَ الشيء وأَبَّنَ الأثر وهو أَن يَقْتَفِره فلا يَضِح له ولا ينفَلِت منه والتأْبين أَن يُفْصَدَ العِرْقُ ويُؤْخَذ دَمُه فيُشوى ويُؤكل عن كراع ابن الأَعرابي الأَبِنُ غير ممدود الأَلف على فَعِلٍ من الطعام والشراب الغليظ الثَّخين وأَبَنُ الأَرض نبتٌ يخرُج في رؤُوس الإكام له أَصل ولا يَطول وكأَنه شَعَر يُؤْكل وهو سريع الخُروج سريع الهَيْج عن أَبي حنيفة وأَبانانِ جبلان في البادية وقيل هما جَبَلان أَحدهما أَسود والآخر أَبْيض فالأَبيَض لبني أَسد والأَسود لبني فَزارة بينهما نهرٌ يقال له الرُّمَةُ بتخفيف الميم وبينهما نحو من ثلاثة أَميال وهو اسم علم لهما قال بِشْر يصف الظعائن يَؤُمُّ بها الحُداةُ مِياهَ نَخْلٍ وفيها عن أَبانَيْنِ ازْوِرارُ وإنما قيل أَبانانِ وأَبانٌ أَحدهما والآخر مُتالِعٌ كما يقال القَمَران قال لبيد دَرَسَ المَنا بِمُتالِعٍ وأَبانِ فتقادَمَتْ بالحِبْسِ فالسُّوبانِ قال ابن جني وأَما قولهم للجبَلين المُتقابلين أَبانانِ فإنَّ أَبانانِ اسم علم لهما بمنزلة زيدٍ وخالد قال فإن قلت كيف جاز أَن يكون بعض التثنية علماً وإنما عامَّتُها نكرات ؟ أَلا ترى أَن رجُلين وغُلامَين كلُّ واحد منهما نكرة غير علم فما بال أَبانَين صارا علماً ؟ والجواب أَن زيدين ليسا في كل وقت مُصْطحِبَين مقترنين بل كل واحد منهما يُجامِع صاحبَه ويُفارِقه فلما اصطحَبا مرة وافترقا أُخرى لم يُمْكِن أَن يُخَصَّا باسمٍ علم يُفيدُهما من غيرِهما لأَنهما شيئان كلُّ واحد منهما بائنٌ من صاحِبه وأَما أَبانانِ فجبَلان مُتقابلان لا يُفارق واحدٌ منهما صاحبَه فجَرَيا لاتِّصال بعضِهما ببعض مَجْرى المسمَّى الواحد نحو بَكْرٍ وقاسِمٍ فكما خُصَّ كلُّ واحدٍ من الأَعلام باسم يُفيدُه من أُمَّتِه كذلك خُصَّ هذان الجَبَلان باسم يُفيدهما من سائر الجبال لأَنهما قد جَرَيا مجرى الجبل الواحد فكما أَن ثَبيراً ويَذْبُل لمَّا كان كل واحد منهما جبلاً واحداً متصلة أَجزاؤُه خُصَّ باسم لا يُشارَك فيه فكذلك أَبانانِ لمَّا لم يفترق بعضهما من بعض كانا لذلك كالجَبَل الواحد خُصّا باسمٍ علم كما خُصَّ يَذْبُل ويَرَمْرَمُ وشمَامِ كلُّ واحد منها باسم علم قال مُهَلهِل أَنْكَحَها فَقْدُها الأَراقِمَ في جَنْبٍ وكان الخِباءُ من أَدَمِ لَوْ بأَبانَيْنِ جاء يَخْطُبها رُمِّلَ ما أَنْفُ خاطِبٍ بدَمِ الجوهري وتقول هذان أَبانان حَسَنَينِ تَنْصِب النعتَ لأَنه نكرة وصفت به معرفة لأَن الأَماكن لا تزولُ فصارا كالشيء الواحد وخالَف الحيوانَ إذا قلت هذان زيدان حسَنان ترفع النعت ههنا لأَنه نكرةٌ وُصِفت بها نكرة قال ابن بري قول الجوهري تنصب النعت لأَنه نكرة وصفت به معرفة قال يعني بالوصف هنا الحال قال ابن سيده وإنما فرقوا بين أَبانَين وعَرَفاتٍ وبين زَيدَينِ وزَيدين من قِبَل أَنهم لم يجعلوا التثنية والجمع علماً لرجُلينِ ولا لرِجال بأَعيانِهم وجعلوا الاسم الواحد علَماً لشيء بعينه كأَنهم قالوا إذا قلنا ائْتِ بزَيْدٍ إنما نريد هات هذا الشخص الذي يسيرُ إليه ولم يقولوا إذا قلنا جاء زيدانِ فإنما نعني شخصين بأَعيانهما قد عُرِفا قبل ذلك وأُثْبِتا ولكنهم قالوا إذا قلنا جاء زيد بن فلان وزيدُ بن فلانٍ فإنما نعني شيئين بأَعيانهما فكأَنهم قالوا إذا قلنا ائتِ أَبانَيْنِ فإنما نعني هذينِ الجبلَينِ بأَعيانهما اللذين يسير إليهما أَلا ترى أَنهم لم يقولوا أمْرُرْ بأَبانِ كذا وأَبانِ كذا ؟ لم يفرّقوا بينهما لأَنهم جعلوا أَبانَيْنِ اسماً لهما يُعْرَفانِ به بأَعيانهما وليس هذا في الأَناسيِّ ولا في الدوابّ إنما يكون هذا في الأَماكنِ والجبال وما أَشبه ذلك من قِبَل أَنّ الأَماكِنَ لا تزول فيصيرُ كل واحدٍ من الجبلَينِ داخلاً عندهم في مثل ما دخل فيه صاحبُه من الحال والثَّباتِ والخِصبِ والقَحْطِ ولا يُشارُ إلى واحدٍ منهما بتعريفٍ دون الآخر فصارا كالواحد الذي لا يُزايِله منه شيءٌ حيث كان في الأَناسيّ والدوابّ والإنسانانِ والدّابتان لا يَثْبُتانِ أَبداً يزولانِ ويتصرّفان ويُشارُ إلى أَحدِهما والآخرُ عنه غائبٌ وقد يُفرَد فيقال أَبانٌ قال امرؤ القيس كان أَباناً في أَفانِينِ وَدْقِه كبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ
( * في رواية أخرى كأنّ كبيراً بدل أباناً ) وأَبانٌ اسم رجلٍ وقوله في الحديث من كذا وكذا إلى عَدَن أَبْيَنَ أَبْيَنُ بوزن أَحْمر قريةٌ على جانب البحر ناحيةَ اليمن وقيل هو اسمُ مدينة عدَن وفي حديث أُسامة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا أَرسَله إلى الرُّوم أَغِرْ على أُبْنَى صباحاً هي بضمّ الهمزة والقصر اسمُ موضعٍ من فلَسْطينَ بين عَسْقَلانَ والرَّمْلة ويقال لها يُبْنَى بالياء والله أَعلم
الصفحة 13
4980