كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 2)

كأَنه موقوف ابن السكيت قولهم دُهْ دُرّ معرَّب وأَصله دُهْ أَي عَشَرة دُرَّيْن أو دُرّ أَي عشرة أَلوان في واحد أَو اثنين قال الأَزهري قد حكيت في هذين المثلين ما سمعته وحفظته لأَهل اللغة ولم أَجد لهما في عربية ولا عجمية إلى هذه الغاية أَصلاً صحيحاً أَعني إلا دَهٍ فلا دَهٍَ ودُهْ دُرَّيْن ابن الأَعرابي دُهْ زجر للإبل يقال في زجرها دُهْ دُهْ ( دهدي ) يقال دَهْدَيْتُ الحَجَر ودَهْدَهْتُه فتَدَهْدَى وتَدَهْدَه ويقال ما أَدري أَيُّ الدَّهْداء هُو أَي أَيُّ الخَلْقِ هو وقال وعِنْدي الدَّهْدَهاءُ ( دهر ) الدَّهْرُ الأَمَدُ المَمْدُودُ وقيل الدهر أَلف سنة قال ابن سيده وقد حكي فيه الدَّهَر بفتح الهاء فإِما أَن يكون الدَّهْرُ والدَّهَرُ لغتين كما ذهب إِليه البصريون في هذا النحو فيقتصر على ما سمع منه وإِما أَن يكون ذلك لمكان حروف الحلق فيطرد في كل شيء كما ذهب إِليه الكوفيون قال أَبو النجم وجَبَلاَ طَالَ مَعَدّاً فاشْمَخَرْ أَشَمَّ لا يَسْطِيعُه النَّاسُ الدَّهَرْ قال ابن سيده وجمعُ الدَّهْرِ أَدْهُرٌ ودُهُورٌ وكذلك جمع الدَّهَرِ لأَنا لم نسمع أَدْهاراً ولا سمعنا فيه جمعاً إِلاَّ ما قدّمنا من جمع دَهْرٍ فأَما قوله صلى الله عليه وسلم لا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فإِن الله هو الدَّهْرُ فمعناه أَن ما أَصابك من الدهر فالله فاعله ليس الدهر فإِذا شتمت به الدهر فكأَنك أَردت به الله الجوهري لأَنهم كانوا يضيقون النوازل إِلى الدهر فقيل لهم لا تسبوا فاعل ذلك بكم فإِن ذلك هو الله تعالى وفي رواية فإِن الدهر هو الله تعالى قال الأَزهري قال أَبو عبيد قوله فإِن الله هو الدهر مما لا ينبغي لأَحد من أَهل الإِسلام أَن يجهل وجهه وذلك أَن المُعَطِّلَةَ يحتجون به على المسلمين قال ورأَيت بعض من يُتهم بالزندقة والدَّهْرِيَّةِ يحتج بهذا الحديث ويقول أَلا تراه يقول فإِن الله هو الدهر ؟ قال فقلت وهل كان أَحد يسب الله في آباد الدهر ؟ وقد قال الأَعشى في الجاهلية اسْتَأْثرَ اللهُ بالوفاءِ وبالْ حَمْدِ وَوَلَّى المَلامَةَ الرَّجُلا قال وتأْويله عندي أَن العرب كان شأْنها أَن تَذُمَّ الدهر وتَسُبَّه عند الحوادث والنوازل تنزل بهم من موت أَو هَرَمٍ فيقولون أَصابتهم قوارع الدهر وحوادثه وأَبادهم الدهر فيجعلون الدهر الذي يفعل ذلك فيذمونه وقد ذكروا ذلك في أَشعارهم وأَخبر الله تعالى عنهم بذلك في كتابه العزيز ثم كذبهم فقال وقالوا ما هي إِلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إِلاَّ الدهر قال الله عز وجل وما لهم بذلك من علم إِن هم إِلاَّ يظنون والدهر الزمان الطويل ومدّة الحياة الدنيا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدهر على تأْويل لا تسبوا الذي يفعل بكم هذه الأَشياء فإِنكم إِذا سببتم فاعلها فإِنما يقع السب على الله تعالى لأَنه الفاعل لها لا الدهر فهذا وجه الحديث قال الأَزهري وقد فسر الشافعي هذا الحديث بنحو ما فسره أَبو عبيد فظننت أَن أَبا عبيد حكى كلامه وقيل معنى نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذم الدهر وسبه أَي لا تسبوا فاعل هذه الأَشياء فإِنكم إِذا سببتموه وقع السب على الله عز وجل لأَنه الفعال لما يريد فيكون تقدير الرواية الأُولى فإِن جالب الحوادث ومنزلها هو الله لا غير فوضع الدهر موضع جالب الحوادث لاشتهار الدهر عندهم بذلك وتقدير الرواية الثانية فإِن الله هو الجالب للحوادث لا غير ردّاً لاعتقادهم أَن جالبها الدهر وعامَلَهُ مُدَاهَرَةً ودِهاراً من الدَّهْرِ الأَخيرة عن اللحياني وكذلك اسْتَأْجَرَهُ مُدَاهَرَةً ودِهاراً عنه الأَزهري قال الشافعي الحِيْنُ يقع على مُدَّةِ الدنيا ويوم قال ونحن لا نعلم للحين غاية وكذلك زمان ودهر وأَحقاب ذكر هذا في كتاب الإِيمان حكاه المزني في مختصره عنه وقال شمر الزمان والدهر واحد وأَنشد إِنَّ دَهْراً يَلُفُّ حَبْلِي بِجُمْلٍ لَزَمَانٌ يَهُمُّ بالإِحْسانِ فعارض شمراً خالد بن يزيد وخطَّأَه في قوله الزمان والدهر واحد وقال الزمان زمان الرطب والفاكهة وزمان الحرّ وزمان البرد ويكون الزمان شهرين إِلى ستة أَشهر والدهر لا ينقطع قال الأَزهري الدهر عند العرب يقع على بعض الدهر الأَطول ويقع على مدة الدنيا كلها قال وقد سمعت غير واحد من العرب يقول أَقمنا على ماء كذا وكذا دهراً ودارنا التي حللنا بها تحملنا دهراً وإِذا كان هذا هكذا جاز أَن يقال الزمان والدهر واحد في معنى دون معنى قال والسنة عند العرب أَربعة أَزمنة ربيع وقيظ وخريف وشتاء ولا يجوز أَن يقال الدهر أَربعة أَزمنة فهما يفترقان وروى الأَزهري بسنده عن أَبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال أَلا إِنَّ الزمانَ قد اسْتَدارَ كهيئته يومَ خَلَق اللهُ السمواتِ والأَرضَ السنةُ اثنا عشر شهراً أَربعةٌ منها حُرُمٌ ثلاثَةٌ منها متوالياتٌ ذو القَعْدَةِ وذو الحجة والمحرّم ورجب مفرد قال الأَزهري أَراد بالزمان الدهر الجوهري الدهر الزمان وقولهم دَهْرٌ دَاهِرٌ كقولهم أَبَدٌ أَبِيدٌ ويقال لا

الصفحة 1439